قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتِي رِجَالٌ مِنْكُمْ، وَأَنَا عَلَيْهِمْ عَاتِبٌ زَارٍ، فَاهْجُرُوهُمْ وَأَسْمِعُوهُمْ مَا يَكْرَهُونَ؛ لِيُعْرَفَ بِذَلِكَ حِزْبُ اللهِ عِنْدَ الْفُرْقَة»
. .. فقام إليه أبو بردة، وقال: يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة والزبير وطلحة بِمَ قُتلوا؟.
قال عليه السلام: «قُتِلُوا بِمَا قَتَلُوا شِيعَتِي وَعُمَّالِي، وَبِقَتْلِهِمْ أَخَا رَبِيعَةَ الْعَبْدِيِّ رَحِمَهُ اللهُ فِي عِصَابَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ قَالُوا: لَا نَنْكُثُ الْبَيْعَةَ كَمَا نَكَثْتُمْ وَلَا نَغْدِرُ كَمَا غَدَرْتُمْ، فَوَثَبُوا عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُمْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَسَأَلْتُهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيَّ قَتَلَةَ إِخْوَانِي مِنْهُمْ لِنَقْتُلَنَّهُمْ بِهِمْ، ثُمَّ كِتَابُ اللهِ حَكَمَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَأَبَوْا عَلَيَّ وَقَاتَلُونِي وَفِي أَعْنَاقِهِمْ بَيْعَتِي وَدِمَاءُ نَحْوِ أَلْفٍ مِنْ شِيعَتِي، فَقَتَلْتُهُمْ بِذَلِكَ.
ثم خاطبه قائلًا: أَفِي شَكٍّ أَنْتَ مِنْ ذَلِك؟.
قال: «قَدْ كُنْتُ فِي شَكٍّ، فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ عَرَفْتُ وَاسْتَبَانَ لِي خَطَأُ الْقَوْمِ، وَأَنَّكَ أَنْتَ المُهْتَدِي المُصِيب» [1]. هكذا اختصر الإمام جرائم الناكثين.
ومرة أخرى حينما تواجه الفريقان بالبصرة، دعا الإمام عليه السلام طلحة والزبير وحاججهما، فقال:
«لَعَمْرِيْ لَقَدْ أَعْدَدْتُمَا سِلَاحًا وَخَيْلًا وَرِجَالًا، إِنْ كُنْتُمَا أَعْدَدْتُمَا عِنْدَ اللهِ عُذْرًا فَاتَّقِيَا اللهَ سُبْحَانَهُ وَلَا تَكُوْنَا
كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً
أَلَمْ أَكُنْ أَخَاكُمْ فِيْ دِيْنِكُمَا، تُحَرِّمَانِ دَمِيْ وَأُحَرِّمُ دِمَاءَكُمَا؟ فَهَلْ مِنْ حَدَثٍ مَّا أَحَلَّ لَكُمَا دَمِيْ.
قال طلحة: أَلَّبت الناس على عثمان.
فقرأ الإمام علي عليه السلام قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَ
[1] بحار الأنوار، ج 32، ص 352.