. ثم أفرد النبي لعلي خيمة وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجًا فوجًا ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعل ذلك كلهم حتى من كان معه من أزواجه ونساء المسلمين.
فأنزل الله تعالى على رسوله ما يعتبر إعلانًا عن خاتمة الوحي: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً[2].
وانتشرت في الآفاق أنباء استخلاف النبي لوصيه الإمام علي!. ولكن النبي صلى الله عليه واله الذي كان أخبر قائدٍ بالناس من حوله، كان يعلم أن الكثير من التمهيد يحتاج إليه المسلمون، خصوصًا وقد تكاثر عدد الوصوليين بينهم بعد فتح مكة، وإن الكثيرين منهم يطالبون عليًّا بأوتار الجاهلية، فلا يقبلون بولاية الإمام عليه السلام بسهولة.
كما أحيط علمًا بالمؤامرات التي كانت تجري في البلاد للسيطرة على الحكم من بعده، وكانت (قريش) التي دخلت- الآن- في الإسلام تتخذ منه أداة جديدة لسلطتهم على الجزيرة العربية، كانت مركز هذه المؤامرة.
ومن هنا لم يدع الرسول صلى الله عليه واله مناسبة إلَّا وأعلن فيها عن أن وصيه الذي اختاره الله للولاية من بعده إنما هو الإمام علي عليه السلام، لتبقى الأقلية المؤمنة وفيةً بعده مع الله والرسول، ومُلْتَفَّةً حول قيادة الإمام عليه السلام وتحافظ على الخط السليم للأمة، وتكون ميزانًا للحق والباطل، ومقياسًا سليمًا لمتغيرات الحوادث.