جداً عن الإسلام في القول ب- (نظرية الصدور) وما أشبه، ولقد تهرب الفلاسفة عن النصوص الشرعية بتأويلات بعيدة جداً [1].
نشأة الكلام .. العوامل والمؤثرات
حيث نقول: العوامل، فإنما نقصد الأسباب المباشرة، أما المؤثرات المساعدة لنشأة علم الكلام، فسوف نخلطهما ببعضهما، ونذكر مجموعة العوامل والمؤثرات من دون ذكر الأولويات، لأن الفصل بين العامل والمؤثر، وهكذا الفصل بين العامل الأهم وغيره ليس معروفاً بالضبط، وليس فيه فائدة كبيرة لمثل بحثنا الموجز.
ومن جهة أخرى، فإننا حين نذكر المؤثرات، لا يعني أن آثارها إيجابية أبداً، بل قد يأتي موضوع معين في علم الكلام، كرد فعل لمؤثر نصراني أو يهودي أو يوناني.
إلا أن المؤثرات كانت ذات انعكاسات مباشرة على بلورة شخصية علم الكلام، وحتى حين يكون التأثير سلبياً، فإنه يعني نوعاً من التفاعل الإيجابي مادام علم الكلام ليس إلا رد فعل ساذج لتيار الفلسفة الأجنبية، أي أنه لما أراد أن يحارب الفلسفة بسلاحها، ففد اعترف- من حيث لا يدري- بشرعية هذا السلاح، ووقع لذلك في محاذير عديدة.
ونقسم العوامل والمؤثرات إلى داخلية وخارجية، لإيماننا إنهما معاً اشتركا في علم الكلام، سواء في مرحلة التأسيس أو في مراحل التكامل [2].
وقبل أن نمضي قدماً في بيان المؤثرات الداخلية لابد أن نلقي نظرة خاطفة إلى وضع العقائد في العهد الإسلامي الأول، منذ بزوغ شمس الإسلام من أفق المدينة المنورة، وحتى بدايات العهد الأموي.
[2] () يرى البعض أن المؤثرات الداخلية هي الأساس، بينما يرى الآخرون أن المؤثرات الخارجية هي الأهم. ونرى أن المؤثرات الخارجية كانت بمثابة منبه أثارت الشعور بالحاجة إلى علم الكلام.