نام کتاب : الفقه الإسلامي دراسة استدلالية في فقه الخمس و أحكام الإنفاق و الإحسان نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي جلد : 1 صفحه : 250
ومن هنا ظهر الإشكال في إطلاق قول صاحب العروة (رحمه الله) في المسألة (62): «وكذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه مثل آلات النجارة للنجار، وآلات النساجة للنساج، وآلات الزراعة للزارع، وهكذا، فالأحوط إخراج خُمسها أيضاً أولًا» [1].
وعُلِمَ أنّه إن احتاج إلى الآلات إمّا لتسهيل العمل لنفسه، مثل بعض الماكنات التي تخيط أو تثقب الجلد للخفّاف (صانع الأحذية)، أو مثل المراوح والمقاعد في دكانه، أو ما أشبه ذلك، وإمّا لتكثير الفائدة حين الاحتياج إليها، فإن احتاج إليها حُسِبَ من المؤونة لعدم الفرق بينه حينئذٍ وبين سائر المصارف العرفيّة، وإن لم يحتج إليها فلا تُحسب من المؤونة.
ولقد عُلِمَ مما ذكر أيضاً: أنه «لا فرق في المؤونة بين ما يصرف عينه فتتلف، مثل المأكول والمشروب ونحوهما، وبين ما يُنتفع به مع بقاء عينه، مثل الظروف والفروش ونحوها» [2]، كما عبَّر به في العروة بالحرف الواحد، وذلك لعدم الفرق عرفاً بين أقسام المؤونة، ولكنّه قال بعد ذلك: «فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها وإن بقيت للسنين الآتية أيضاً» [3]، ومفهومه أنّه إن لم يحتج إليها في هذه السَّنة لم يحسب من ربح هذه السَّنة. وقد تقدم البحث في مثل ذلك، وأشير إلى احتمال احتسابه منها لعدم تحديد مطلق للمؤونة بالسَّنة حتى بالنسبة إلى ذلك.
الثالث: إخراج المؤونة من الربح
قال في العروة أيضاً: «يجوز إخراج المؤونة من الربح وإن كان عنده مال لا خُمس فيه، بأن لم يتعلَّق به أو تعلَّق وأخرجه، فلا يجب إخراجها من ذلك بتمامها ولا التوزيع» [4].
لقد اختلفت آراء الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقول:
الأول: أنّه يجب إخراج المؤونة من المال الذي لا خُمس فيه.