جاءَت هذه الآيات تُبيِّن الصِّلة بين الصلاة والإنفاق، حيث إنّ الصلاة تُحرِّر المؤمنين من سلطان المال الذي يأسر الكثير من الناس، فيمنعون حقوق اللَّه وحقوق المجتمع، وإنّها لآية على تحوّل الصلاة إلى برنامج عملي في حياتهم.
أوَليس هدفها أن يتمحّض الإنسان في الخلوص للَّه، ويتنازل عن كلّ شيء حتى ذاته من أجل الحق؟. بلى. فلماذا يبخلون بالمال؟.
إنّ المصلين الحقيقيين حينما يكرّرون في صلاتهم قوله تعالى: الحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعالَمِينَ[2]، فإنّهم يعون بعمق أنّ الحمد ليس مجرد كلمات يلوكها الواحد بلسانه، وإنّما الحمد كلمة تُعبِّر عن النية الصادقة، والإيمان المخلص، وعن العمل الصالح، وبالتالي عن منهجيّة الحمد في واقع الحياة، ومنها إنفاق نِعَم اللّه في سبيله شكراً له وحمداً.
إنّهم قد اتصلوا باللّه وعرفوه باسمه رَبِّ الْعالَمِينَ، وعلموا أنّ ما في الوجود كلّه مِنْ عنده وهو مالكه، حتى أنفسهم. وما الأموال التي عندهم إلَّا أمانات استودعهم إيّاها، فكيف يبخلون بها ويمتنعون عن أدائها إليه حين يطلبها، ويأمرهم بإنفاقها في سبيله؟!.
إنّ الامتناع عن الإنفاق في يقينهم لون من الخيانة للمستأمِن، وهذا ما يدفعهم إلى الإنفاق في وجوه الخير من جهة. ومن جهة أخرى، يدفعهم الشعور بالمسؤولية الاجتماعية إلى مدّ يد العون لأصحاب الحاجة والعوز، تطبيقاً لمنهجية التكافل الاجتماعي التي تستهدفها الصلاة.