أ- انى تصورنا حقيقة العقل، فهي لا تعدو ان تكون واقع الكاشف عن
حقائق الكون. ولا ريب في ان حقائق الكون لا تكشف عن ذاتها، بصورة آلية، انما يجب
الكشف عنها باداة نسميها بالعقل. وإذا عدنا الى العقل نواجه حقيقة بديهية هي ان
الحقائق التي لم تكن تقدر على كشف ذاتها لا تستطيع ان تكشف لنا عما سواها، وابسط
مثل توضيحي لذلك، العين التي تكشف عن الأشياء لنا، ورغم ان طبيعة الأشياء موجودة
قبل ان تكون هناك أية عين، فان رؤيتها والكشف عنها من عمل العين- لا من عملها- وحين
تريد العين رؤية ذاتها يعرف الانسان ان الأشياء التي عجزت عن ان ترينا ذاتها بدون
العين (مثلًا في حالة اغماض العين) لن تقدر على ارائتنا العين، بل العين هي التي
ترى ذاتها عبر مرآة او ما أشبه.
وبتعبير آخر؛ لايعدو ان يكون الكاشف عن الأشياء الجهل أم العقل. ولا
يعدو ان يكون الكاشف عن العقل ذاته أم الجهل. لا ريب اننا لا نتردد في اختيار
العقل ككاشف عن الأشياء، وعن ذاته معاً.
وكمثل مبسط؛ النور يكشف عن المظلمات، وفي الوقت ذاته يكشف عن ذاته،
حيث لا يمكن ان يكشف عنه مظلم آخر. وبتعبير ثالث النور القادر على كشف الأشياء
أليس بقادر على كشف ذاته؟ وكذلك العقل لايمكن ان يكشف عن كل شيء ثم يبقى مجهولًا.
ب- فكيف إذاً تستطيع العين ان تبصر نفسها. ببساطة انظر الى الأشياء