التذكرة الاولى التي نبّهنا إليها القرآن الحكيم وعلومه هي: ان العقل
تختلف معرفته عن أي شيء آخر، وان السبيل الوحيد الى معرفته هي شدة اثارته، حتى
يتنبه الى نفسه ويعي مكنونات ذاته بذاته.
وقد تبدو هذه الحقيقة مستصعبة لأمرين
1- إن الانسان تعوَّد أن يعرف الأشياء بمُعَرِّفات خارجة عنها،
كمعرفة اللون بالعين ومعرفة العين بالإحساس ومعرفة الإحساس بالعقل، واما معرفة
الشيء بذاته فلم يتعودها البشر، فهي مستصعبة عليه لعدم العادة فيه.
2- إن جميع توجيهات البشر الفلسفية، تقيس معرفة العقل بمعرفة أي شيء
آخر، وتحاول الحصول عليها بمساعدة امور خارجية. ولذلك فان طريقة القرآن جديدة
عليها ومباينة من حيث الأساس مع الرواسب الفكرية لكل من له خبرة بالفلسفة البشرية
او نصيب من توجيهها.