وهذا
الحديث دال على عصمة الأئمة کما هو دال على عصمة الکتاب للملازمة بينهما،
وحيث ثبتت عصمتهم لامتناع الخطأ عليهم بشهادة الرسول وجبت إمامتهم، وإلاّ
لزم الخطأ منه ـ والعياذ بالله ـ في الأمر بالرجوع إليهم والتمسک بهم، وهذا
محال. ثم ما قيل ويقال من عدم تولّيهم زمام الأمور وقيادة الأمة، فهو
من سوء اختيار الأمة، ولا قدح في إمامة الإمام إذا لم يتمسَّک کل الناس به،
ولم يرجعوا إليه ويستضيئوا بنور علمه، کما لاقدح في الکتاب إذا أعرض
الناس عن التمسک به والعمل بما فيه، وسيأتي أنَّ حالهم في ذلک حال
الشمس وقد جلّلها السحاب. والحاصل أن کلاً من الکتاب والعترة ثبتت
إمامتهما وخلافتهما وحجيّتهما بمدلول واحد ومفاد واحد ثابت فيهما معاً بنص
«ما إنْ تمسکتم بهما لن تضلوا»، فالتمسّک بهما معاً هو العاصم من الضلالة،
ولايغني التمسّک بأحدهما عن الآخر وإنْ ذهب الناس يميناً أو شمالاً. ولقد
قال الإمام أمير المؤمنين وهو يخاطب جماعة المسلمين: فأين تذهبون؟ وأنى
تُؤفکون؟ والأعلام قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يُتاه بکم؟
بل کيف تعمهون؟ وبينکم عترة نبيّکم، وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة
الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، ورِدوهم ورود الهيم العطاش. أيها الناس خذوها من خاتم النبيين: «إنَّه يموت من مات منا