الميثاق ثم ذكرت بعد ذلك نقضهم له وتوليهم عنه. { خذوا ما ايتناكم } من التوراة والألواح والفرقان: { و إذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان لعلّكم تهتدون } [1]. { بقوة } بجد وجهد وإيمان واعتقاد.
و في تفسير العياشي عن الصادق عليه السّلام: عن قول اللّه عز وجل: { خذوا ما اتيناكم بقوة } [2]، «أبقوة بالأبدان أم بقوة بالقلوب؟فقال عليه السّلام: بهما جميعا». { و اذكروا ما فيه } أي احفظا وحافظوا ولا تغفلوا عما فيه المستلزم للعمل به والمواظبة عليه. { لعلكم تهتدون } رجاء أن تهتدوا وتدخلوا في سلك المتقين.
ثم إن في استعمال كلمة الترجي«لعل»دلالة على اختيارية الأمر بالنسبة إليهم وعدم فرضه عليهم. { إنا هديناه السبيل إمّا شاكرا وإما كفورا } [3]. { ثمّ تولّيتم من بعد ذلك } و اعرضتم عن الحق بعد وضوحه وقيام البراهين الساطعة عليه، فنقضتم ميثاقكم وخالفتم نبيكم وعصيتم أوامر اللّه واتبعتم أهواءكم.
ثم إن بعض المفسرين يرى انتهاء الخبر بهذه الجملة، وأن قوله تعالى بعد ذلك: { فلو لا فضل اللّه عليكم } الخ رجوع بالكلام إلى أوله.
لكنه في غاية البعد بالنظر إلى سياق الآية الكريمة حيث إن الظاهر منه كون الجملة متفرعة على ما سبق. { فلو لا فضل اللّه عليكم } بإمهالكم وعدم تعجيل العقوبة وإنزال العذاب عليكم، بل وهدايتكم إلى التوبة وتفضله بقبولها منكم بعد ما جنته أيديكم من