المفهوميّة على تقديرها،و أمّا نفي الحكم لنفي الوصف عن غير الموضوع فلا هو من دلالة المفهوم و لا المنطوق،فافهم.
ثمّ إنّ الوصف الذي هو محلّ الكلام ليس خصوص الوصف النحوي،بل مطلق ما يكون
مقيّدا جيء به للاحتراز و إن كان جامدا،فيدخل فيه مثل الجارّ و المجرور في
قوله:صلّ إلى القبلة مثلا.فلو ابدل بالقيد فقيل:مفهوم القيد كان أوضح
دلالة على المقصود[1].
ثمّ[إنّ]الظاهر أنّ الوصف الذي ذكرناه لا يدلّ على المفهوم أصلا؛(لعدم
الفرق في نظر العرف بين قولنا:«أكرم إنسانا،و أكرم حيوانا ناطقا»في كون
المفهوم لزوم إكرام الإنسان،أمّا إكرام غيره فمسكوت عنه من غير دلالة على
نفيه.نعم لو اريد من المفهوم أنّ للوصف دخلا في الحكم فليس وجوب الإكرام
في«أكرم الرجل العالم»ثابتا لمطلق الرجل،بل للعلم مدخليّة فيه،فلا ريب في
ظهور الجملة الوصفيّة في ذلك،فافهم)[2].
نعم،إن كان القيد قيدا للحكم فمقتضى تقييد الحكم بذلك القيد انتفاؤه عن غير
مورد القيد،و قد ذكرنا مرارا إمكان رجوع القيد إلى الحكم؛لأنّ الحكم الذي
هو اعتبار شيء على المكلّف يمكن أن يكون ذلك الاعتبار مطلقا،و يمكن أن
يكون الاعتبار على تقدير من التقادير،فلا مانع منه.و أمّا إذا كان القيد
قيدا للموضوع أو قيدا للمتعلّق فالأوّل نظير قوله:«المالك لمئتي درهم يجب
عليه الزكاة»و الثاني مثل قوله:«صلّ إلى القبلة»فلا يدلّ إلاّ على أنّ
موضوع الحكم خاصّ بهذا،فهو ساكت عن غيره لا أنّه يقتضي نفي الحكم عن غيره
لعدم دلالته على انحصار علّة الحكم و لو استفيدت العلّية في بعض الأوصاف-و
هي الأوصاف النحويّة-إلاّ أنّ صرف العلّية لا يجدي ما لم يثبت الانحصار.
[1]الوسائل 3:438،الباب 13 من أبواب مكان المصلّي،الحديث 3.