نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 93
لم
تختتم ـ بانتقال أُمِّه إلى حِضن أبيها ـ طفولة
الحسين ، ولكنَّها وسَّعت انتقاله إلى الرُّشد الباكر والمُطَّلع على واقع الأُمور
ومزاجها الملفوف بالرموز ، لقد راحت تتطوَّر المُعاناة في حياكة نفسه على ضوء ما
كان يُفسِّره له فهمه النبيه وإدراكه المُتوسَّع ، إلاَّ أنَّ موت أبي بكر هو الذي
كان خاتمة طفولته ، التي شاهدت انتقال الولاية إلى عمر بن الخطَّاب.
٢ ـ عهد ابن الخطَّاب :
بانتقال الخلافة ـ وهي الآن بمفهوم
الحسين ـ أُبوَّة يتناولها كلُّ واحد بالدور عن جَدِّه الذي كان أبا الجميع ، والتي
هي ـ بقناعته الراسخة ـ مِن حَقِّ أبيه علي ، ولا تنتقل إلاَّ عنه إلى مَن هو في
الخَطِّ الذي رسمته أُبوَّة جَدِّه الشاملة. أجلْ ، بانتقال الخلافة هذه المَقلوبة
عن أُبوَّة صحيحة المقصد والمعنى ، إلى عمر بن الخطاب لم تتوسَّع ذهنية الحسين ، بلْ
تعمَّقت فيها المُعاناة ، وهي تُفسِّر ذاتها في شعوره وتأمُّله الصامتين ، لقد كان
يُراقب مُعاناة أبيه ، وهو صامت صابر ، وراح يصمت مثله ويصبر ، أمَّا حواره الأخير
مع أبيه حول انتقال الأُبوَّة إلى أبي بكر ، فإنَّه فَهم منه أنَّ النخوة
القبليَّة ، لا الوصيَّة النبويَّة ، هي التي جرَّدت أباه مِن أُبوّة كبيرة خَصَّه
بها جَدُّه لضمِّ المُجتمع كلِّه إلى صدره الكبير ، ولقد فهم أنَّ الإجحاف طال
أباه على يدي أبي بكر ، وها إنَّه لا يزال مُتمادياً على أقسى وأدهى مع هذا
المدعوِّ عمر بن الخطاب!!!
كان
عمر الحسين ـ عند انتقال الدور
إلى ابن الخطاب ـ يدور حول عشر مِن السنين ، ولكنَّ الجوَّ الذي رَبِيَ فيه ، والأحداث
القاسية التي ذرَّت غُبارها في هذا الجوِّ ، فهزَّته في صميمه ، وجعلت السنوات
القاصرة في عمر الحسين ، واسعة الفَهم ، نبيهة الذهن ، وواسعة النفس تحت مُعاناة عميقة
التفتُّح ، وحاضرة التأثَّر ، وشديدة التفتيش عن ماهيَّة الأحداث وارتباطاتها
بموحياتها. بالأمس كانت له أربعة أحضان يتبرَّع كلُّ حِضن منها بتوسيع الحُبِّ
والدلال عليه ، أمَّا الآن ، وقد
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 93