نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 92
قال الامام ذلك وهو يتمشَّى في باحة
البيت ، دون أنْ يلتفت صوب الحسين ليتبين وقع كلماته عليه ، ولمَّا وصل البيت ، وابنه
الحسين يسحب نفسه كئيباً خلف خُطواته ، كانت فاطمة قابعة في الزاوية ينهكها الحُزن
ويدعك عينيها الدم ، ولكنَّها انتفضت عندما وقعت عينها على الحسين وهو يقفو خُطوات
أبيه مُنكِّسا رأسه ، كأنَّه فرخ بازٍ هبط مِن عِشِّه إلى الأرض ، وسريعاً ما
تلفَّعت بخمارها وقفزت إلى الخارج صوب ساحة المسجد.
وعندما كان صوتها الخافت يقرع أُذني أبي
بكر بذلك الخطاب ، الذي كانت ترتجف فيه ثورة ما حسبها التاريخ إلاَّ فاعلة ، كان الحسين
لاصقاً بها مِن الخلف ، وهو يسجِّل في نفسه نبراتها المُتأوِّدة بالعظمة ذاتها ، التي
كانت تسرح فوق جبين جَدِّه وهو يُعلِّم الناس في المسجد ذاته ، كيف يعتزُّون
بالصدق والحَقِّ ، وكيف يكونون ضلوع أُمَّة عظيمة هُمْ أبناؤها ، وهو أبوهم الذي
يجمعهم إلى مراحل المَجد ، وعندما انسحبت مِن ساحة المسجد راجعة إلى البيت ، أوقفها
الحسين على العَتبة حتَّى يغمر جيدها بذراعين مِن لُطف ، ويلثمه بثغر مِن عِطر
الزهر وهو يقول :
الحسين
: ـ صوتك مِن صوت جَدِّي يا أُمِّي ، طاب
صوتك في كلِّ صُبح ، وفي كلِّ مساء!
فاجابته ، وهي تَنْعس نَعاساً ذائباً في
مقاطع الكلمات :
فاطمة
: ـ يا حُلمي ... وحُلم جَدِّك وأبيك ... ما
أشدُّ خوفي عليك وأنا أُطالب لك ... بروعة الميراث!!!
ولكنَّ الحسين ، وهو ما انفكَّ يُعانقها
، ويُعاني مِن وقع ولوج صوتها إلى العميق مِن أُذنيه ، حتََّى أحسَّ أنَّها تهبط
أمامه على العَتبة ، كأنَّها الخيطان تتراخى عن المِغزل ، ولكَّن الأب الكبير ـ
وهو الآن علي ـ كان يلفُّ بين ذِراعيه الأعصاب المُنهارة عن مِغزلها ، ويحملها إلى
الفراش الذي أسرعت إلى ترتيبه أسماء بنت عُميس ، لقد شاهد الحسين ـ على مدى يومين
ـ كيف كانت تبسم أُمُّه فاطمة وهي تُلاقي أباها في غَفوة الموت!!!
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 92