نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 88
المُتطوِّرة
والمُنقَّحة بالعلم والفَهم المُنعكسين حضارة وثقافة ، هنالك يكون للعقل يد ، وللروح
ملامس ، ولا يكون مجال التعبير عنها إلاَّ في احترام الإنسان لذاته الجميلة ، وعندئذ
فإنَّ المُجتمع هو الكريم ، والعدل والحَقِّ والمُساواة ، هي دروسه في الحقوق
والموجبات ، والصدق والنزاهة ونظافة الكَفِّ ، هي كلُّها صفاته في البروز الصحيح ،
واقتصاده المبنيِّ والمعنيِّ والشبعان ـ مع العِفَّة في جني الثمر ـ هي نهجه في
الزرع ، وفي عمليَّات الحصاد. أمَّا المُجتمع الذي يبنيه إنساناً عظيماً يدور في
حِضن الحياة مُجلَّلاً بالقيمة وعِزَّة النفس ، فهو مُداره الفخم الذي يُردُّ إليه
ـ مِن مُعاناته ـ شعوراً ضمنيَّاً بأنَّ الجمال هو مُتعة النفس الكريمة التي
يتعزَّز بها وجود الإنسان ، بنعمة وعظمة الحَقِّ والصدق المَغروسين في جِنان
الإنسان.
والمُعاناة
في الطبيعة : إنَّما هي عُنصر
مِن عناصرها الجامعة ، ونَبرة مِن نبراتها المُعبِّرة في خُنوعها فجموحها ، فبُروزها
في ثورة ما مِن ثوراتها التي تتنفَّس بها ، حتَّى تعود فتعتدل وتستقرُّ في بُروزٍ
جديد تتولَّد منه حوملة أُخرى ، يتألَّف منها مَدار يُعينه شوق آخر مِن الأشواق
التي يزخر بها فنُّ الحياة ، كلَّ هذا إنَّما هو موزَّع في الوجود ، أكان في
الإنسان ، أم في الحيوان ، أم في النبات ، أم حتَّى في ما يُسمَّى جماداً ، كأنَّ
المُعاناة هي التي تلمح كلَّ شيء حتَّى تُطوِّره ، وتخلق منه الحالة الأُخرى التي
تشتاق إليها الحالة الأُولى التي هي حلقة منها في سلسلة الوجود. أليست هذه كلُّها
هي ـ أيضاً ـ لُبعة الحياة في البقاء وتعلُّقها ـ أبداً ـ بالتطوُّر الذي هو
تحوَّل يتلوَّن به جوهر الحياة في وجودها الأفسح؟
ليست المُحاولة هذه في تقديم هذه اللمحة
عن المُعاناة ، غوصاً في علم النفس ، فإنَّ ذلك يتطلَّب إحاطة في الموضوع الفلسفي
، الذي يحتاج إلى تحقيقات باهرة الطرافة ، وواسعة الدرس والتدقيق ، إنَّما التلميح
هذا يقصد إعطاء المُعاناة حِصَّة مِن الاهتمام والاحترام ـ فهي التي تتولَّد في
نفسيَّة الإنسان ـ ومُطلق إنسان ـ وهي التي تعيُّن شوقه إلى أيِّ شيءٍ يُحرَم منه
أو يحتاج إليه ، وهي التي تبنيه بناءً جديداً مُتولِّداً منها ، ومِن مُقدار ثقلها
فيه وضغطها عليه ، ولا فرق أنْ يكون الحِرمان قد زال
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 88