نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 89
والحاجة قد أُشبعت ،
أو أنْ يكون كلاهما قد زادا عُنفاً في تورُّطهما عليه ، فقفزا به : إمَّا إلى
خُنوع واستسلام ، وإمَّا إلى ثورةٍ ما ، عُبِّر عنها بطريقة ما.
هذا هو الغرض الآن مِن خدمة الموضوع هذا
، حتَّى يتبيَّن لنا أنَّ الحسين الذي هو موضوعنا الجليل في هذا الكتاب ، قد
اشتغلت بصياغته عظيماً هذه المُعاناة التي تبنَّاها وتبنَّته مُنذ الطفولة ، وراحت
تتجسَّد وتتجسَّم فيه عِبر مراحل الفتوَّة والرُّشد ، وعِبر بلوغه مرحلة سديدة مِن
مراحل التعمق الفِكري ـ النفسي ـ الروحي التي زجَّته فيها ظروف قاهرة ، ما انفكَّت
تُعمِّق بصماتها عليه ، حتَّى فجرتها فيه ثورة هادفة مُركَّزة ، ما ارتضت مِن
التحقيق إلاَّ بذل الذات في سبيل إشباع المُعاناة ، التي أصبحت لا ترضى إلاَّ ببذل
الذات إشباعاً للذات الأُخرى التي هي إطار أكبر ، تنطوي فيه ذاته ـ هو ـ ملصوقة
بذات أبيه ، وأُمِّه ، وأخيه ، وجَدِّه وكلِّ خَطِّ أجداده الصيَّد ، في مُجتمع
واحد هو إطار الأُمَّة ، التي هي أُمَّة جَدِّه التي بناها بقضيَّة واحدة مختومة
بالرسالة. فلنتبصَّر الأُمور هذه كلَّها في خَطِّ المُعاناة ، ولنعمد إلى تبويبها
هكذا :
١ ـ خَطُّ الطفولة :
ولقد كانت للطفولة على الحسين خيوط
لذيذة مِن المُعاناة ، حوَّشت منها نفسه كلَّ البطانات التي راحت تتلوَّن بها
أيَّامه الطالعة. ما مِن لَمسة غَنج تدلَّع بها في مُحيطه البيتي المُشبع بالحُبِّ
والحنان ، وكلُّ أساريره الهانئة بغِبطتها ، لقد مَرَّ بنا كلُّ ذلك ونحن نستعرضها
في كلِّ ما تخصَّص لها مِن مُناسبة وحين ، لقد كان لكلِّ هاتيك البَهجات تأثير
وسَّع نفسه المُعانية على فَهم كان يزداد بها ، وهي تتحوَّل فيه إلى مُعاناة أُخرى
كان يولِّدها ازدياد الفَهم مع وضوح التحليل والتعليل.
كان الطفل الحسين ـ وأظنُّه كان في
الخامسة مِن العُمر أو ما يزيد قليلاً ـ يلعب في باحة الدار في ظِلِّ شجرة الأراك
، مع صبيٍّ آخر مِن صِبْية الحيِّ ، قال
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 89