وطويلها وعريضها إنّما تنطبق عليه ، وإليه يشير كلام المحدّث الأمين
الأسترابادي رحمهالله في كتاب (الفوائد المدنية) حيث قال : (الفائدة الثانية
: أنه في كلامهم وقع إطلاق الجاهل على غير القاطع بالحكم ـ سواء كان شاكّا أو
ظانّا ـ والجاهل بهذا المعنى يجب عليه التوقّف. ووقع إطلاقه على الغافل الذاهل
ذهنه عن تصوّر المسألة. والجاهل بالمعنى الأخير لا يجب عليه الاحتياط ، وإلّا للزم
تكليف الغافل) [١] انتهى.
إذا عرفت هذا
فالمفهوم من كلام المولى الأردبيلي قدسسره[٢] هنا هو معذوريّة الجاهل فيما يطابق فعله الواقع ، بمعنى
أن يأتي بالمأمور به على وجهه واقعا وإن كان عن جهل ، ومن كلام المحدّث السيّد
نعمة الله ـ طاب ثراه ـ هو المعذوريّة وإن لم يطابق ، بمعنى : أن يخلّ ببعض
الواجبات ، أو يرتكب بعض المنهيات جهلا.
وهذا هو
المفهوم من الأخبار ؛ فإنها قد تضمّنت صحّة صلاة من أخلّ بالجهر والإخفات جهلا ،
ومن تمّم في موضع القصر أو قصّر في موضع التمام كذلك ، ومن ترك الإحرام في الحجّ ،
ونحو ذلك.
فإن قلت : إن
المفهوم من كلام السيّد نعمة الله رحمهالله الحكم بصحّة صلاة العوامّ ، بمجرّد كونها مأخوذة من
الآباء والامّهات ، وإن اشتملت على ترك شيء من الواجبات ، وحينئذ فإذا قام العذر
للجاهل في أمثال هذا المحال ، لزم سقوط التكليف ؛ إذ متى قام العذر للعامي بمجرّد
جهله ، وصحّت صلاته كصلاة الفقيه العالم [٣] بجميع واجباتها وشروطها وأحكامها ، ووسعه البقاء على
جهله ، فما الغرض من أمر الشارع بهذه الأحكام ، والفصل فيها [٤] بين الحلال
والحرام ،