فقلت : يا سيدي
، إنهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم؟ فقال : «خذ بقول أعدلهما عندك ، وأوثقهما في نفسك».
فقلت : إنهما
معا عدلان مرضيّان وموافقان؟ فقال : «انظر ما وافق منهما العامة فاتركه ، وخذ ما
خالفه فإنّ الحق فيما خالفهم».
فقلت : ربما
كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ فقال : «إذن ، فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك الآخر».
فقلت : إنهما
معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له ، فكيف أصنع؟ فقال : «إذن ، فتخيّر أحدهما
فتأخذ به وتدع الآخر»[١].
قال في الكتاب
المذكور بعد نقل هذه الرواية : (وفي رواية أنه عليهالسلام قال : «إذن ، فأرجه حتى تلقى إمامك فتسأله»[٢].
ولم أقف في
الأخبار على ما اشتمل على تعداد الطرق المرجّحة غير هذين الخبرين ، إلّا إنهما قد
اختلفا في الترتيب بين تلك الطرق.
فاشتملت
المقبولة المتقدّمة على الترجيح بالأعدلية والأفقهية ، ثم بالمجمع عليه ، ثم
بموافقة (الكتاب) ، ثم بمخالفة العامة. ومرفوعة زرارة المذكورة قد اشتملت على
الترجيح بالشهرة أولا ، ثم بالاعدلية والأوثقية ، ثم بمخالفة العامة ، ثم
بالأحوطية. ولم يذكر فيها الترجيح بموافقة (القرآن) كما لم يذكر في الاولى الترجيح
بالاحوطية.
ويمكن الجواب :
أولا بأن يقال : إن الترتيب غير منظور فيهما ، لأنه في
الحقيقة إنّما وقع في كلام السائل لا في كلامه عليهالسلام ، وغاية ما يفهم من كلامه عليهالسلام ، هو الترتيب الذكري ، وهو