هو ظاهر معلوم ، لا ترى له ذكرا بين الأنام ، ولا ترى من يقلّده في أظهر
الظواهر من الأحكام ، فيا ويلهم [١] كأنهم لم تقرع أسماعهم تلك التقريعات القرآنية
والإنذارات [٢] المعصومية ، ولم تسع أفهامهم تلك التحذيرات القاصمة
الظهور ، بلى إنها (لا تَعْمَى
الْأَبْصارُ ، وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)[٣].
وقد روى ثقة
الإسلام في (الكافي) بسنده عن داود بن فرقد قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إن
أبي كان يقول : إن الله لا يقبض العلم بعد ما يهبطه ، ولكن يموت العالم فيليهم
الجفاة ، فيضلون ويضلّون»[٤].
وروى العامة في
[صحاحهم] [٥] عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ، لكن يقبض
العلماء ، حتى إذا لم يبق علم اتخذ الناس رؤساء جهّالا ، وأفتوا الناس بغير علم ،
فضلوا وأضلوا»[٦].
الفائدة
الخامسة : في طرق الترجيح بين الأخبار
قد اشتملت هذه
الرواية على طرق الترجيح بين الأخبار بما لم يرد في غيرها من الأخبار الواردة في
هذا المضمار ، سوى مرفوعة زرارة المرويّة في كتاب (عوالي اللآلي) عن العلّامة
مرفوعا إلى زرارة بن أعين قال : سألت الباقر عليهالسلام فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان
المتعارضان فبأيهما آخذ؟
فقال : «يا زرارة ، خذ بما
اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذ النادر».
[٦] مسند أحمد بن
حنبل ٢ : ١٦٢ ، صحيح البخاري ١ : ٥٠ / ١٠٠ ، صحيح مسلم ٤ : ١٦٣٤ / ٢٦٧٣ ، وفيها :
إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ،
حتّى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهّالا ، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم ،
فضلّوا وأضلّوا.