وكثرة البحث عن الأسانيد ووجوه الدلالات ، وتحرير ما يتعلق بها من أنواع
العلوم المحتاج إليها ، والاستنباطات).
ومن ثم قال بعض
المحققين : (لم يبق لمن تأخر عنهم من البحث والتفتيش إلّا الاطلاع على ما قرروه ،
والفكر فيما ألّفوه) [١].
وآخرون قد
عظّموا الخطب حتى جعلوه كالصعود إلى السماء ، أو كنقط المصحف بيد الأعمى ، وهو وهم
فاسد ، وخيال كاسد ، منشؤه عدم المعاشرة لأهل الكمال ، وسوء التدرّب في مجامع
الاستدلال ، وقلة الممارسة للأحكام الشرعية ، وعدم الوقوف على [٢] ما قرره العلماء
الأعلام في المسائل الشرعية) [٣].
قال شيخنا
العلّامة أبو الحسن الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني ـ طيب الله مرقده ـ في كتاب
(العشرة الكاملة) ـ بعد نقل القولين المذكورين ـ : (والإنصاف أن القولين المذكورين
على طرفي نقيض في الإفراط والتفريط ، وأن الاجتهاد المطلق نادر الوقوع قليل التحقق
يحتاج حصوله إلى استغراق [٤] أكثر العمر غالبا في الطلب [٥] ، وليس هو من
السهولة التي ذكره الشهيد الثاني في شيء ، والتعلق بأن السلف كفونا مؤنته ضعيف ؛
فإنهم مختلفون في الفتاوى جدا ؛ بسبب اختلاف أفهامهم وأنظارهم. وهذا قد يوجب صعوبة
الأمر ؛ لكثرة الشبهات التي يوردها كلّ على خصمه ، وانتشار الأدلّة والأخبار
والأقوال على وجه يعسر ضبطه.
ومع هذا فهم
غير منكوري الفضل على من تأخّر عنهم ، فقد قربوا البعيد ، ويسّروا القريب ، وجمعوا
الشتات ، وألفوا الروايات ، شكر الله سعيهم ووالى من حياض الكوثر سقيهم.
[١] عنه في سفينة
النجاة (ضمن الاصول الأصيلة) : ٣١.