تتناهى ولا تقف على حد ، وأن أقل مراتبه يمكن تحصيلها لخلق كثير. فأين
القلوب المستيقظة والألباب المتهيّئة والنفوس المتوجهة ؛ لتنوح على هذه المصيبة ،
وتكثر العويل على هذه الرزية التي لا يلحظها إلّا المتقون؟ فإنا لله وإنا إليه
راجعون. فمن هذا اندرست الشريعة.
وإنّما أوجب [هذه]
[١] البلوى قلة التقوى ، فكيف لا تتوجّه المؤاخذة ، ونستحق نزول البلية إن لم
يتداركنا الله بفضله ورحمته؟
وأعظم من هذا
محنة ما يتداوله كثير من المتسمّين بالعلم ، حيث يصرفون عمرهم ، ويقضون دهرهم [في]
[٢] تحصيل علوم الحكمة ؛ كالمنطق ، والفلسفة ، وغيرهما مما يحرم ؛ لذاته ، أو
لمنافاته الواجب [٣] على وجه لو صرفوا منه جزءا على تحصيل العلم الذي يسألهم
الله عنه سؤالا حثيثا ، لحصّلوا ما يجب عليهم من علم الدين ، وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعا) [٤] انتهى ملخصا.
وقال الشهيد ـ عطر
الله مرقده ـ في بعض فوائده : (الاجتهاد في هذا الوقت أسهل منه فيما قبله من
الأوقات ؛ لأن السلف ـ رحمهمالله ـ قد كفونا مئونته بكدهم وكدحهم وجمعهم السنّة والأخبار
وتعديلهم الرجال وغير ذلك) [٥].
وقال بعض
المحقّقين ممّن تأخر عنه : (لا شك أنه في زماننا أسهل منه في زمان الشهيد رحمهالله ؛ لزيادة سعيه وسعي من بعده في تنقيح المباحث ، وتهذيب
المطالب ، وإيضاح القواعد ، وذكر الاحتمالات ، ورد الشّبه ، وإيراد الجوابات ،