وأمّا التجزّي
، فهو كثير الأفراد ، منتشر الأعداد ، وهو على مراتب غير متناهية ، كما أشار إليه
شيخنا الشهيد الثاني ، متفاوتة في القرب من المطلق والبعد منه على قدر تفاوت القوى
الاستدلالية شدّة وضعفا ، وزيادة ونقصانا) [١] انتهى كلامه ، علت في الفردوس أقدامه.
وأنا أقول وإن
كنت ممن يقصر عن السباق في مضمار هؤلاء الفحول ، ويكبو جواده عن اللحاق في ميدان
تلك العقول : إنه حيث كان الاجتهاد الّذي بني عليه هذا الكلام ممّا لم يقم عليه
عندي دليل من أدلاء الملك العلام ، وإنّما الذي دلّت عليه أخبارهم كما تقدّم لك
شطر منها هو أن النائب عنهم عليهمالسلام هو [٢] من روى أخبارهم وعرف أحكامهم وتتبّع آثارهم ، مع ما
استفاض عنه صلىاللهعليهوآله من قوله : «إني تارك فيكم الثقلين ... كتاب الله وعترتي
أهل بيتي»[٣].
فالواجب حينئذ
هو التمسّك بهما والأخذ بما فيهما لا غير ، إلّا إنه لما كانت الآيات القرآنية
فيها المجمل والمبين ، والمتشابه والمحكم ، والعامّ والخاصّ ، والناسخ والمنسوخ ،
ونحو ذلك ، وكذلك الأخبار قد اشتملت على ما عدا الأخير ، وعوضت عنه باشتمالها على
التقية التي هي أشدّ محنة وبلية ، وانضاف إلى ذلك تفرقها في الاصول وتشتتها على
وجه ربما يعسر [٤] [معه] إليها الوصول. وكان خطابهم ـ صلوات الله عليهم ـ للناس ربما بني على
الزيادة والنقصان بما تحتمله عقول المخاطبين في ذلك الزمان ، فبين ظاهر جلي [٥] ودقيق خفي.
وقد خفيت علينا أكثر القرائن الحالية التي كانت بها الدلالات واضحة جليّة.
[٣] وسائل الشيعة ٢٧
: ٣٣ ـ ٣٤ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٥ ، ح ٩ ، مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٤ ، مناقب
علي بن أبي طالب (ابن المغازلي) : ٢٣٤ / ٢٨١ ، وانظر : ص ٢٣٥ ـ ٢٣٦ / ٢٨٢ ـ ٢٨٤ ،
عمدة عيون صحاح الأخبار : ٦٨ ـ ٧٦ / ٨١ ـ ٩١.