من الايمان والطاعات
فقد أحاطت به خطيئته ، ولا نسلم أن من اكتسب خطيئة فقد تعدّي حدوده ، بل بعض حدوده والمراد من قوله تعالى : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا ... ) أي قتلة لأنه مؤمن ولا يكون ، ذلك
القاتل إلّا كافراً. [١] فالآيات التي
تمسكت بها المعتزلة في رأي الايجي لا تتناول مرتكب الكبيرة بل هي مختصة
بالكفار. وذهب إلى هذا الرأي أيضاً ابن نوبخت ، [٢] والسيد مرتضى ، [٣] وذكره جمع من المتكلمين كأحد الوجوه
في هذه المسألة. [٤]
وإمام الحرمين الجويني ( المتوفىٰ
٤٧٨ ه ) في ردّه على المعتزلة في تمسكهم بآية قتل العمد لإثبات خلود مرتكب
الكبيرة في النار حيث قال : وقد قال ابن عباس في تأول الآية (
وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا )
مستحلاً لقتله ، والعمد على الحقيقة إنما يصدر من المستحل ، فأما من يعتقد
أن القتل من أعظم الكبائر فيجرئه هواه ويزعه اعتقاده فلا يقدم على الأمر
إلا خائفاً وجلاً ، وآية ذلك أن الرب تعالى لما ذكر القصاص ووجوبه لم يقرنه
بالوعيد والخلود ، وحيث ذكر الخلود لم يتعرض لوجوب القصاص ، وذلك أصدق
دلالة على أن التوعد بالخلود للكافر المستحل الذي لا تجري عليه ظواهر
الاحكام ، فان الحربي الذي لم يلتزم أحكامنا إذا قتل لم يقض عليه بوجوب
القصاص. [٥]
٢. إن هذه الآيات معارضة مع آيات الخلود
في الوعد كقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا
أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )[٦]
وكذلك معارضة مع آيات تتضمن القطع بغفران الله
[١].
راجع : الشريف الجرجاني ، مناهج
اليقين
، ج ٤ ، ص ٣٣٣.