أي يعلم القابل
لذلك المقام فيفيض عليه بإفاضات العنايات الأزليّة لإمكان ذاتيّته ، فهؤلاء
الأبرار لهم الترقّيات والتعرّجات في حدود ذاتيّاتهم ورتبتهم إلى المقامات
المقرّرة لتلك الحدود في عوالم الشهود ، وإلى المقرّر للأنبياء والمرسلين
وأوصيائهم ، فإنّ لهم مقامات فوق ما يصفه الواصفون ، ويدركه العارفون.
وهذا هو السرّ
في الإعراض عن خطاب ما سوى النبيّ صلّى الله عليه وآله إلى الالتفات إلى خطابه ،
وإفراد الضمير المتعيّن لإرادته صلّى الله عليه وآله. أي : ليس ذلك المقام إلّا لك
، فلا لغيرك اللياقة والاستحقاق لأن يوحى إليه كما يوحى إليك.
كيف والموحى
إليه لا بدّ من أن يكون مستعدّا لاحتمال ما يستلزم الوحي إيّاه ، فلقد خالفنا في
ذلك المشاركيّة من الصوفيّة ؛ حيث زعموا أنّهم مشاركون للأنبياء في الوحي وغيره من
مقامات النبوّة ودرجات الرسالة ، بل زعم بعضهم أنّهم أفضل من الأنبياء ، وأكرم
منهم عند الله ، فإنّهم مشاركون معهم في رتبة النبوّة ، ولكنهم ليسوا مكلّفين
بالدعوة ، بل لهم أن يدعوا وأن لا يدعوا بخلاف الأنبياء ، فإنّهم مأمورون بالدعوة
لا مناص لهم عنها. والمختار أفضل من المجبور.
وقالوا أيضا :
لا واسطة بينهم وبين الحقّ ، بخلاف الأنبياء. وهذه المقالة هي كلمة الكفر الخبيثة
لا يقولها إلّا الضالّون عن ثنيّات الهدى.
ومثلها القول
بجواز فناء ناسوتيّة الخلق في لاهوتيّة الحقّ ، وبرؤية الذات عيانا والتكلّم معه
شفاها ، وباتّحاد الروح مع الحقّ ، وغير ذلك من