أقول : لمّا
أشار إلى درجات الأبرار ، ودركات الفجّار ، عقّبه بما كرّم به النبيّ صلّى الله
عليه وآله وفضّله على غيره ممّا هو في عالم الإمكان ، وأدّبه بأحسن الآداب ، فأمره
بما فيه صلاحه وسبب تعرّجه إلى المعارج الروحانيّة الّتي يليق بها هويّته ، وإمكان
ذاتيّته في حدّ رتبة أنانيّته الشريفة ، ونهاه عمّا لا يليق بمقام ولايته في مقام
التوحيد ، ومحلّ التجريد ، تنبيها على أمور حقّقت بها المناسبة بين تلك الآية ،
وما سبقها من الآيات.
منها : إنّ
الأبرار الكمّل الواقفين تحت مقام الولاية الخاصّة والرسالة ، وإن بلغوا في
الطاعات والرياضات مبلغا كريما ، وسعوا في تصفية سواذج جواهر نفوسهم سعيا بليغا لا
يمكن لهم إدراك مقام الولاية والرسالة بمعنى اللياقة لذلك المقام ، فإنّه فوق
مقاماتهم الّتي قرّرت لهم بحسب استعداداتهم وإمكاناتهم الأزليّة ، فمن المحال أن
يفوزوا به ، كيف وهو لا ينبغي إلّا لمن استعدّت ذاتيّته له أزلا ، وليس هذا إلّا
الّذي اصطفاه الله فخلقه وليّا أو نبيّا ؛ كما قال : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ
يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) ... إلى آخره.