ثمّ يتّكئ
أولياؤه على الفرش المرفوعة ، والسرر الموضونة ، والنمارق المصفوفة ، فتأتيهم
ملائكة من عند الرحمن ، فإذا وصلوا إلى الأبواب استأذنوا فيؤذون لهم ، فيدخلون
ويقومون بين يديهم ، ويقرأونهم السلام من ربّهم ، ويبلّغونهم التحيّة منه تعالى
وهم جلوس مع أزواجهم من الحور العين كأنّهنّ بيض مكنون لم يمسسهنّ إنس قبلهم ولا
جانّ ، متّكئات معهم على فرش بطائنها من إستبرق ، وعلى رفرف خضر وعبقريّ حسان ،
فينادين بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها : نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات
فلا نيأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنّا له. انتهى.
أقول : لا يخفى
أنّ في ذلك الحديث إشارات خفيّة ، وكنايات لطيفة ، وحقائق أنيقة ، ودقائق حقيقة لا
يدركها إلّا من اصطفاه الله لفهم الأسرار الخفيّة ، ودرك الرموز الدقيقة ، وبصّره
بحقيقة الحكمة ، ومراتب المعرفة ، ولكن ليسوا من الّذين خالفوا الله فأفشوا أسراره
لمن لم يستعدّ لها.
كيف وإفشاء
الأسرار لغير الأبرار يسلك الشخص مسلك الفجّار ، وما أسطره في تلك الرسالة وسطرته
في بعض رسائلنا ليس من الأسرار المكنونة المرموزة ، كيف وأسرار أهل الحال ، لا
يحيط بها المقال :