يعطيهم إذا سألوه بحقّه ، ويدفع عنهم البلايا برحمته ، فلو علم الخلق ما
محلّه عند الله ومنزلته لديه ما تقرّبوا إلى الله إلّا بتراب قدميه ... [١] إلى آخره.
فإن قيل : ذلك
لا يستقيم مع ما حكى الله عنهم بقوله : (إِنَّا نَخافُ مِنْ
رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) حيث وصفهم بالخوف من عذاب يوم القيامة الشديد ، وجعله
علّة لإطعامهم ، أو لعدم إرادتهم الجزاء والشكور ، فإنّ المخلص كما لا يرجو الثواب
على عمله ، كذلك لا يخاف من العذاب ، فإنّه يعمل حبّا لله ، وطلبا لرضائه ؛ كما
قال السجّاد عليه السلام : إلهي ما عبدتك خوفا من عذابك ، ولا رجاء لثوابك ، بل وجدتك
مستحقّا للعبادة فعبدتك ... [٢] إلى آخره.
وقال الصادق
عليه السلام : العبّاد ثلاثة : قوم عبدوا الله خوفا فتلك عبادة العبيد ، وقوم
عبدوا الله طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء ، وقوم عبدوا الله حبّا له فتلك عبادة
الأحرار ، وهي أفضل العبادة [٣]. انتهى.
منعنا التعليل
أوّلا لعدم دليل عليه من اللفظ ، ثمّ نقول : ليس المراد الخوف من العذاب المعروف ،
بل المراد بذلك اليوم هو يوم الفراق والحرمان عن لقاء الحبيب ، وهذا اليوم يخافه
الواصلون أشدّ من خوف الناس من العذاب المعروف ، ولقد فصّلنا ذلك فيما سبق فإليه
فليرجع الطالبون.