نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 653
و مما وقع من المواربة بالتحريف
قول عتبان الحروري:
فان
يك منكم كان مروان و ابنه
و
عمرو و منكم هاشم و حبيب
فمنا
حصين و البطين و قعنب
و
منا أمير المؤمنين شبيب
فانّه لما بلغ الشعر هشاما و ظفر
به قال له: أنت القائل:
«و منا أمير المؤمنين شبيب» فقال: لم أقل كذا و انما قلت: «و منّا أمير المؤمنين شبيب» فتخلص
بفتحة الراء بعد ضمها.
فهذا و أشباهه يحتمل أن يكون الدخل
وقع فيه للشاعر وقت العمل و يحتمل ألّا يكون وقع له و ارتجل التخلص عند سماعه، و
الذي لا يحتمل أن يكون فطن له حتى قيل له قول الأخطل:
لقد
أوقع الجحّاف بالبشر وقعة
الى
اللّه منها المشتكى و المعوّل
فإلّا
تغيّرها قريش بملكها
يكن
عن قريش مستماز و مزحل
فقال له عبد الملك بن مروان: الى
أين يا ابن اللخناء؟
فقال: الى النار. فضحك منه و سكت
عنه، فتخلّص بهذه النادرة.
و قد تكون المواربة من غير ذلك
كقوله- عليه السّلام- للعباس بن مرداس حين أنشد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و
سلّم:
أ
تجعل نهبي و نهب العبي
د
بين عيينة و الأقرع
و
ما كان حصن و لا حابس
يفوقان
مرداس في مجمع
و
ما أنا دون امرئ منهما
و
من تضع اليوم لا يرفع
فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه
و سلّم- يا عليّ اقطع لسانه عني؛ فقبض علي- عليه السّلام- على يده و خرج به فقال:
أقاطع أنت لساني يا أبا الحسن؟
فقال: إني لممض فيك ما أمر. فهذه
أحسن مواربة سمعت في كلام العرب. مضى به الى ابل الصدقة فقال: خذ ما أحببت.
و من المواربة متّصل و منفصل،
فالمتّصل ما كان تخلّصه في نفس الكلام، و المنفصل ما كان التّخلّص فيه من كلام آخر
كالذي تقدّم لعلي- عليه السّلام- و الأخطل. و نقل ابن الأثير الحلبي و السبكي و
الحموي و السّيوطي كلام المصري[1]، و قد اتّضح أنّ التّبريزي نقلها من
الإرب و هو المكر و الخديعة و نقلها المصري من ورب العرق إذا فسد، و قد قال
المدني: «و ظاهر أنّه لا يتعيّن نقلها الى
الاصطلاح من الورب بمعنى الفساد بل يجوز أن يكون من المداهنات و المخاتلة كما قال
في القاموس، بل هو أنسب بالمعنى الاصطلاحيّ كما لا يحفى»[2].
و الفرق بين المواربة و الاحتراس «أنّ الاحتراس يؤتى به وقت العمل عند ما
يتفطّن المتكلّم لموضع الدخل، و المواربة يؤتى بها وقت العمل و بعد صيرورة الكلام.
و المواربة- بالراء المهملة- تكون بالتصحيف و التحريف و اهتدام الكلمة و الزيادة و
النقص، و الاحتراس بزيادة الجمل المفيدة المتضمّنة معنى الانفصال عما يحتمله
الكلام من الدخل، و المواربة تكون في نفس الكلام و تكون منفصلة عنه و الاحتراس لا
يكون إلّا في نفس الكلام»[3] و الفرق بين المواربة و الانفصال «أنّ المواربة تكون- كما تقدّم- في كلمة
من الكلام أو في كلام منفصل
[1]جوهر
الكنز ص 235، عروس الافراح ج 4 ص 473، خزانة ص 112، معترك ج 1 ص 417، الاتقان ج 2
ص 96، شرح عقود الجمان ص 128.
[2]أنوار
الربيع ج 2 ص 299، و ينظر نفحات الأزهار ص 63، شرح الكافية ص 83.