نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 27
عليه و سلم- يكلمونه بكلام محتمل ينوون
به الشتيمة و الاهانة و يظهرون به التوقير و الاكرام. ليا بألسنتهم:
فتلا بها و تحريفا، أي يفتلون
بألسنتهم الحق الى الباطل حيث يضعون «راعنا» موضع
«انظرنا» و «غير مسمع» موضع: لا أسمعت مكروها. أو يفتلون بالسنتهم ما يضمرونه من
الشتم الى ما يظهرونه من التوقير نفاقا.
فان قلت: كيف جاءوا بالقول المحتمل
ذي الوجهين بعد ما صرّحوا و قالوا: سمعنا و عصينا؟
قلت: جميع الكفرة كانوا يواجهونه
بالكفر و العصيان و لا يواجهونه بالسبّ و دعاء السوء. و يجوز أن يقولوه فيما
بينهم، و يجوز أن لا ينطقوا بذلك و لكنهم لما لم يؤمنوا جعلوا كأنهم نطقوا به»[1].
و منه قول النبي- صلّى اللّه عليه
و سلّم- و قد ذكر عنده سريح بن الحضرمي و هو من الصحابة: «ذاك رجل لا يتوسّد القرآن» فيحتمل وجهين ذكرهما ثعلب عن ابن الأعرابي:
أحدهما: المدح و هو انه لا ينام الليل حتى يتوسد القرآن معه فيكون مدحا.
و الثاني: الذم و هو انه ينام و لا
يتوسده معه أي لا يحفظه فيكون ذما.
و من أمثلة الابهام قول محمد بن
حازم الباهلي في الحسن بن سهل حين تزوج المأمون بابنته بوران:
بارك
اللّه للحسن
و
لبوران في الختن
يا
ابن هرون قد ظفر
ت
و لكن ببنت من
فلا يعلم ما أراد ب «بنت من» في الرفعة أو في الحقارة، و
لما نمي هذا الشعر الى المأمون قال: «و اللّه ما ندري أخيرا أراد أم شرا؟».
و من ذلك قول الشاعر:
و
يرغب أن يبني المعالي خالد
و
يرغب أن يرضى صنيع الألائم
فان هذا يحتمل المدح و الذم لانه
إن قدّر «في» أولا و «عن» ثانيا
فمدح و إن عكس فذم إذ يقال: رغب فيه و رغب عنه.
و منه قول المتنبي في مدح كافور:
و
يغنيك عما ينسب الناس أنه
اليك
تناهى المكرمات و تنسب
فقد يريد به المدح، أو السخرية أي:
انه لا نسب لكافور.
و قوله:
و
ما طربي لما رأيتك بدعة
لقد
كنت أرجو أن أراك فأطرب
فقد يحتمل السخرية و الاستهزاء، أو
المدح.
و قوله:
و
غير كثير أن يزورك راجل
فيرجع
ملكا للعراقيين واليا
فظاهر البيت أنّ من رأى كافورا
أفاد منه كسب المعالي، و باطنه أنّ من رآه على ما به من النقص و قد صار الى الملك
ضاق صدره أن يقصر عما بلغه و أن لا يتجاوز ذلك الى كسب المكارم، و كذلك إذا رآه
راجل لا يستكثر لنفسه أن يرجع واليا على العراقين.
و الابهام فن بديع متسع الباب، و
الأديب البارع يقدر أن ينزع فيه مذاهب مختلفة، و يفتح أبوابا موصدة.
الاتّساع:
قال ابن رشيق: «هو أن يقول الشاعر بيتا يتسع فيه
التأويل فيأتي كل واحد بمعنى و انما يقع ذلك لاحتمال اللفظ و قوته و اتساع المعنى»[2].