نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 26
و سار البلاغيون على خطا المصري في
التسمية و التعريف[1]، و قال المدني: «و زاد بعضهم: و ينبغي أن يكون المراد
انه إذا جرد عن القرائن و لم ينظر الى القائل و المقول فيه كان احتماله للمعنيين
على السوية»[2].
و عقد العلوي فصلا للابهام و التفسير و قال: «إنّ المعنى المقصود إذا ورد في الكلام مبهما فانه يفيده بلاغة و يكسبه
إعجابا و فخامة، و ذلك لانه إذا قرع السمع على جهة الابهام فان السامع له يذهب في
إبهامه كل مذهب. و مصداق هذه المقالة قوله تعالى:وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ
ذلِكَ الْأَمْرَ[3] ثم
فسّره بقوله:
و لكن الابهام عند البلاغيين
المتأخرين و لا سيما أصحاب البديعيات هو ما ذهب اليه المصري الذي ذكر له قول
الشاعر مثالا:
جاء
من زيد قباء
ليت
عينيه سواء
فما علم هل أراد أنّ الصحيحة تساوي
السقيمة أو العكس.
و من إبهام العرب قول رجل من بني
عبد شمس بن سعد بن تميم:
تضيّفني
وهنا فقلت أسابقي
الى
الزاد شلّت من يديّ الأصابع
و
لم تلق للسعديّ ضيفا بقفرة
من
الأرض إلّا و هو صديان جائع
فانّ ظاهر الشعر مبهم معناه فيظن
سامعه أنه أراد ضيفا من البشر فيكون قد هجا به نفسه، و انما هو يصف ذئبا غشي رحله
في الليل و هو بالقفر، و هذا فخر محض.
و كان ابن الأثير قد ذكر هذا الفن
في الفصل الذي عقده للحكم على المعاني و قال إنّ المتنبي كثيرا ما يقصد الابهام في
كافورياته، و من ذلك قوله في كافور:
فما
لك تعنى بالأسنّة و القنا
و
جدّك طعّان بغير سنان
فان هذا بالذم أشبه منه بالمدح
لانه يقول: «لم تبلغ ما بلغته بسعيك و اهتمامك بل
بجد و سعادة، و هذا لا فضل فيه؛ لان السعادة تنال الخامل و الجاهد[5] و من لا
يستحقها»[6].
و من أمثلة الابهام التي ذكرها
المدني قوله تعالى حكاية عن اليهود:مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ،
وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا
بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ[7]. قال الزمخشري: «قولهم: «غير مسمع» حال من المخاطب، أي اسمع و أنت غير مسمع، و هو قول ذو وجهين،
يحتمل الذم أي: اسمع منا مدعوا عليك- بلا سمعت- لانه لو أجيبت دعوتهم عليه لم يسمع
فكان أصمّ غير مسمع. قالوا ذلك اتكالا على أنّ قولهم- لا سمعت- دعوة مستجابة او
اسمع غير مجاب الى ما تدعو اليه. و معناه غير مسمع جوابا يوافقك فكأنك لم تسمع
شيئا، أو اسمع غير مسمع كلاما ترضاه فسمعك عنه ناب. و يجوز على هذا أن يكون «غير مسمع» مفعول «اسمع» أي:
اسمع كلاما غير مسمع اياك لأنّ أذنك لا تعيه نبوّا عنه. و يحتمل المدح أي:
اسمع كلاما غير مسمع مكروها، من
قولك اسمع فلان فلانا إذا سبّه. و كذلك قولهم «راعنا» يحتمل
راعنا نكلمك أي ارقبنا و انتظرنا، و يحتمل شبه كلمة عبرانية أو سريانية كانوا
يتسابّون بها و هي راعينا، فكانوا سخرية بالدين و هزؤا برسول اللّه- صلّى اللّه
[1]حسن
التوسل ص 311، نهاية الارب ج 7 ص 174، خزانة الأدب ص 79، نفحات ص 66، شرح الكافية
ص 89.