نام کتاب : الهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 413
قالوا: لإرادتهم ذلك و إنّهم مختارون و إذا قيل لهم: أ ليس[1] يجب صدور المعصية عنهم حتّى يطابق علم اللّه- تعالى-؟
أجابوا: بأنّ اللّه- تعالى- كما علم وجود المعصية علم أنّ المعصية
صدرت عنهم باختيارهم و إرادتهم [41].
فعلم اللّه- تعالى- لا ينافي اختيارهم.
الطريقة[2] الثالثة: طريقة الأشاعرة، فإنّهم لمّا ذهبوا إلى أنّ جميع الحوادث بل
جميع الموجودات الممكنة من اللّه- تعالى- و هو سبب الكلّ، فإن قيل: فلم العقاب؟
قالوا: إن كان المراد الغرض من العقاب، فلا غرض! و إن كان المراد سببه فهو اللّه-
تعالى-لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ! (23/ 21) فالتقدير
على مذهبهم: خلق اللّه تعالى[3] جميع
الأشياء و على مذهب الحكماء مطابقة الموجودات فيما لا يزال[4] للصور[5] الموجودة في العالم العقلي.
و لا بدّ لجميع المسلمين و لسائر الطوائف الإقرار بما ذهبوا إليه من
معنى التقدير[6] و القضاء، لأنّ الكلّ اتّفقوا على أنّ اللّه- تعالى- عالم بجميع
الموجودات من الأزل إلى الأبد و هو القضاء و على[7] أنّ كلّ ما يوجد في عالم الحدوث هو على وفق علمه، و إلّا لزم جهله-
تعالى- عنه[8]، و هو القدر.
و هذا ما ذكره الشارح في مقدمة الجواب من السؤال الأوّل، من أنّ
القدر على مذهب الحكماء غير القدر على مذهب الأشعرية[9]. و إنّما قدّم هذه المقدّمة ليظهر أنّ الأسباب مقدّرة على مذهب
الحكماء[10] كما أنّ المسبّبات مقدّرة. ثمّ بعد تمهيدها أشار إلى أمرين:
أحدهما: الجواب عن السؤال الأوّل، و هو انّ[11] فعل العبد[12] صادر
عنه و سببه قدرة العبد و ارادته، و من أسباب ارادته فعل الخير التخويف و العقاب،
فهما من الأسباب المقدّرة لنظام العالم، كما أن فعل الخير مقدّر.