أقول : يريد أنّ كلّ واحد من التصوّر والتصديق ينقسم إلى الضروريّ والمكتسب.
ويريد بالضروريّ من التصوّر ما لا يتوقّف على طلب وكسب ونظر ، ومن التصديق ما يكفي تصوّر طرفيه في الحكم بنسبة أحدهما إلى الآخر إيجابا أو سلبا.
وأمّا المكتسب فهو ضدّ ذلك فيهما ؛ فإنّه يتوقّف على النظر ، وهو ترتيب أمور معلومة لتحصيل المجهول.
المسألة الثالثة عشرة : في أنّ العلم يتوقّف على الانطباع.
قال : ( ولا بدّ فيه من الانطباع ).
أقول : اختلف العلماء في ذلك ، فذهب جمهور الأوائل [١] إلى أنّ العلم يستدعي انطباع المعلوم وانتقاش مثاله وشبحه في العالم ، فبشهادة الوجدان بعدم الفرق بين العلم بالموجود والمعدوم يحكم بأنّ العلم مطلقا يجب فيه الانطباع إذا لم يكن المعلوم أو علّته حاضرا عند العالم ولو على وجه المغايرة الاعتباريّة ، ولا يحصل العلم الأقوى من غير انطباع ؛ لأنّ انكشاف الشيء للعالم لأجل حضوره بنفسه أو بعلّته أقوى من حضوره بصورته ، فلا يرد الإشكال في علم الواجب تعالى حتّى بالمعدومات بل الممتنعات [٢] ، كما سيأتي إن شاء الله.