تفرّق الأجسام المختلفة الطبائع التي منها يتركّب المركّب.
ولهذا يقال في بيان خاصّيّة الحرارة الغنيّة عن التعريف : إنّها تقتضي جمع المتشاكلات وتفريق المختلفات.
وأمّا البرودة فإنّها بالعكس من ذلك.
قال : ( وهما متضادّتان ).
أقول : الحرارة والبرودة كيفيّتان وجوديّتان بينهما غاية التباعد ؛ فهما متضادّتان.
ولم يخالف في هذا الحكم أحد من المحقّقين.
وقد ذهب قوم غير محقّقين إلى أنّ البرودة عدم الحرارة عمّا من شأنه أن يكون حارّا ، فيكون التقابل بينهما تقابل العدم والملكة [١].
وهو خطأ ؛ لأنّا ندرك من الجسم البارد كيفيّة زائدة على الكيفيّة المطلقة ، والعدم غير مدرك ؛ فالبرودة صفة وجوديّة مضادّة للحرارة.
قال : ( وتطلق الحرارة على معان أخر مغايرة مخالفة للكيفيّة في الحقيقة ).
أقول : لفظة « الحرارة » تطلق على معان :
أحدها : الكيفيّة المحسوسة من جرم النار.
والثاني : الحرارة الموجودة في بدن الحيوان ، المناسبة للحياة وهي شرط فيها ، وتسمّى بالحرارة الغريزيّة.
وعن أفلاطون تسميتها بالنار الإلهية [٢].
وعن جالينوس أنّها الحرارة الناريّة العنصريّة الأسطقسيّة المستفاد من المزاج [٣].
وعن أرسطو أنّها الحرارة السماويّة لا الأسطقسيّة المتقدّمة [٤] ، وهي مخالفة لتلك