قال : ( والمصوّرة عندي باطلة ؛ لاستحالة صدور هذه الأفعال المحكمة المركّبة عن قوّة بسيطة ليس لها شعور أصلا ).
أقول : أثبت الحكماء للنفس قوّة يصدر عنها التصوير والتشكيل بشكل نوع ذي القوّة [١].
والحقّ ما ذهب إليه المصنّف ; من أنّ ذلك محال ؛ لأنّ هذه الأشكال والصور أمور محكمة متقنة عجيبة عجزت عن إدراك حكمها العقول والأفهام.
وقد يقال : « إنّ المنافع المدوّنة في علم التشريح خمسة آلاف وما لم يعلم أكثر ممّا علم ، فلا تصدر عن طبيعة غير شاعرة لما يصدر عنها ، بل يجب إسنادها إلى مدبّر حكيم قدير » [٢].
وأيضا فإنّ هذه التشكيلات أمور مركّبة ، والقوّة البسيطة لا يصدر عنها أشياء كثيرة ، فتأمّل.
المسألة الثالثة عشرة : في أنواع الإحساس.
قال : ( وأمّا قوّة الإدراك للجزئي فمنه اللمس ، وهي قوّة منبثّة في البدن كلّه ).
أقول : لمّا فرغ من البحث عن الأمر العامّ ـ أعني القوّة النباتيّة ـ شرع الآن في البحث عمّا هو أخصّ منه ـ وهو القوّة الحيوانيّة ـ أعني الإحساس المشترك بين الإنسان وغيره من الحيوانات العجم ـ وبدأ باللمس ؛ لأنّ اللمس كيفية قائمة بالبدن كلّه منبثّة في ظاهره أجمع ، ويدرك بها المنافي والملائم. مضافا إلى ما يقال من أنّه أوّل الحواسّ الذي يصير به الحيوان حيوانا ، ويجوز أن يفقد سائر القوى دونه [٣].
قال : ( وفي تعدّده نظر ).
[١] انظر : « الشفاء » كتاب النفس ٢ : ١٥١ ؛ « التحصيل » : ٧٨٥. [٢] انظر : « شرح تجريد العقائد » : ٢٠٧. [٣] القائل هو الشيخ في « الشفاء » ٤ : ٥٨ ، كتاب النفس ، الفصل الثالث من المقالة الثانية.