الأوّل : ما ذكره الأوائل ، وهو أنّ النفس الناطقة شرط في حصول المزاج ؛ لأنّ المزاج إنّما يحصل من حصول العناصر المتضادّة المتسارعة إلى الانفكاك المجبورة على الاجتماع ، فعلّة ذلك الاجتماع يجب أن تكون متقدّمة عليه ، وكذا شرط الاجتماع وهو النفس الناطقة ، فلا تكون هي المزاج المتأخّر عن الاجتماع ؛ لاستحالة تقدّم الشيء على نفسه وتأخّره عنها. مع أنّ المزاج إذا كان موقوفا على الاجتماع ، والاجتماع موقوفا على النفس التي هي شرط له ، يستلزم كون النفس عين المزاج الأوّل.
وفي هذا الوجه نظر ؛ لأنّهم علّلوا حدوث النفس بالاستعداد الحاصل من المزاج ، فكيف جعلوا الآن علّة حدوث الاجتماع النفس؟!
قال : ( وللممانعة في الاقتضاء ).
أقول : هذا هو الوجه الثاني.
[١] انظر : « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٢٩٨ وما بعدها ؛ « المباحث » : ٦٧ / ٩٢ ؛ « التحصيل » : ٧٢٩ وما بعدها. [٢] كما في « الشفاء » ٢ : ١٥ ، الفصل الثاني من المقالة الأولى في النفس ؛ « شرح المواقف » ٧ : ٢٥٠ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٣٠٥. [٣] لاستيفاء البحث حول النفس والمناقشة فيها راجع « الشفاء » ٢ : ١٤ ـ ٢١ ، الفصل الثاني من المقالة الأولى في النفس ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ٢٩٨ وما بعدها ؛ « التحصيل » : ٧٢٩ ـ ٧٣٩ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٣٠٣ ـ ٣١٦.