قال : ( والمعقول من الأوّل البعد ؛ فإنّ الأمارات تساعد عليه ).
أقول : « المكان » لغة الموضع كما في « الصحاح » [١] و « القاموس » [٢] ، وله إطلاقان :
الأوّل بحسب الاشتقاق ، وهو موضع كون الشيء وحدوثه.
والثاني الإطلاق الاسمي ، وهو ما يعتمد عليه المتمكّن عند القيام أو نحوه ممّا يحصل به الاستقرار. والظاهر عدم مدخليّة للهواء فيه.
وأرباب المعقول قد اختلفوا في حقيقة المكان.
فعند المشّائين ـ كما حكي عن أرسطو [٣] وابن سينا [٤] أيضا ـ أنّه عبارة عن السطح الباطن للجسم الحاوي المماسّ للسطح الظاهر من الجسم المحويّ.
وعند الإشراقيّين ـ كما حكي عن أفلاطون [٥] أيضا ـ أنّه عبارة عن البعد الموجود المجرّد عن المادّة ، المنقسم في جميع الجهات ، المساوي للبعد الذي في الجسم بحيث ينطبق أحدهما على الآخر الساري فيه بكلّيّته.
وعند المتكلّمين عبارة عن البعد الموهوم الذي يشغله الجسم على سبيل التوهّم على وجه الانطباق المذكور [٦].
ومثله الحيّز ؛ فإنّه الفراغ الموهوم المشغول بالمتحيّز الذي لو لم يشغله ، لكان
[١] « الصحاح في اللغة » ٤ : ٢١٩١ ، « كون ». [٢] « القاموس المحيط » ٤ : ٢٦٦ ، « كون ». [٣] نقل عنه في « جامع المقاصد » ٢ : ١٩٩ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ١٥٧ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٣٠٠. [٤] « الشفاء » الطبيعيات ١ : ١٣٧ ؛ « النجاة » : ١٢٤ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٢ : ١٨٥ ؛ « رسالة الحدود » : ٣٣. [٥] انظر : « جامع المقاصد » ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠٠ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٣٠١ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٣٠٠ ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ٢ : ١٦٣٥ ؛ « جامع العلوم في اصطلاحات الفنون » ٣ : ٣٠٧. [٦] « نهاية المرام » ١ : ٣٨٤ ؛ « التعريفات » : ٢٩٢ ، الرقم ١٤٦٦ ؛ « جامع العلوم في اصطلاحات الفنون » ٣ : ٣١٧ ؛ « كشّاف اصطلاحات الفنون » ٢ : ١٦٣٥.