الشّرك الخفيّ، و لا شيء أفسد للطالب من الشرك
الخفيّ فإنّه مانع من السلوك، فإذا زال سهل. من أخلص للّه أربعين صباحا ظهرت
ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه[1].
[الثانية: إزالة العلائق و قطع الموانع]
الثانية: إزالة العلائق و قطع
الموانع، و ذلك بامور:
[التوبة و أقسامها الزهد]
الأوّل: التوبة. و هي الرجوع
عن المعصية التي هي ترك الواجب و فعل الحرام، سواء كانت قوليّة أو عمليّة أو
فكريّة أو خياليّة. و الضابط ما كان صادرا عن قدرة العبد. و أمّا ترك المندوب و
فعل المكروه فذلك مرتبة أخرى هي بالمعصومين أنسب فإنّ علوّ مقامهم يقتضي ذلك. و
أمّا السالك فتوبته عن التفاته إلى غير الحقّ الذي هو مقصده، فإنّه معصية عندهم
لمنعه عن المقصد. فالتوبة حينئذ ثلاثة: عامّ للعبيد كلّهم، و هو الأوّل. و خاصّ
بالمعصومين، و هو الثاني. و أخصّ من الخاصّ، و هو الثالث. و أمّا توبة نبيّنا صلى
اللّه عليه و آله فمن الثالث، و لذلك قال: «إنّه ليغان على قلبي، و إنّي لأستغفر
اللّه في اليوم سبعين مرّة»[2].
و من هذا القسم قيل: «حسنات الأبرار سيّئات
المقرّبين»[3].
الثاني: الزهد. و إليه أشار
المصنّف بقوله: «و لا يشغل عقله الذي ملكه ...» إلى آخره.
و الزاهد هو الذي لا يرغب في مطلوب يفارقه عند
موته، و هو الحظوظ الدنيويّة كالمأكل و المشرب و الملابس و المناكح و الجاه و
المال و الذّكر الحسن و القرب من الملوك، و غير ذلك من التكثّرات التي هي ملزومات
العدم. و يكون ذلك منه لا للعجز و الجهل و غرض من الأغراض، و ذلك هو الزاهد في
المشهور. و هو الذي يترك متاع الدنيا لمتاع آخر يستأجله. و في الحقيقة هو الذي لا
يكون زهده المذكور للنجاة من النار و الفوز بالجنّة، بل يكون ذلك ملكة له تكبّرا
على ما دون الحقّ و تقرّبا إلى رضاه. و تصير تلك الملكة صفة نفسانيّة تزجرها عن
مشتهياتها و تروضها بالامور الشاقّة حتّى تصير راسخة فيها، كما قال وليّ اللّه
عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: «و أيم اللّه- يمينا أستثني فيها بمشيئة اللّه-
لأروضنّ نفسي رياضة تهشّ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، و تقنع بالملح
[1]هذه مضمون روايات، و للاطّلاع عليها
ينظر: عيون أخبار الرضا 2: 69، عدّة الداعي: 218، الدرّ المنثور 2: 237، كنز
العمّال 3: 24/ الحديث 5271، بحار الأنوار 70: 242.
[2]مستدرك الوسائل 1: 387 الباب 22 من
أبواب الذكر/ الحديث 2.