الروح، و العمل بمنزلة الجسد. و الأعمال
بالنيّات كما أنّ حياة الجسد بالروح.
الرابع: الصدق. و هو مطابقة
القول لما هو في نفس الأمر. و المراد هنا الصدق في القول و الفعل و النيّة و العزم
و إتمام الأحوال العارضة له. و الصّدّيق هو الذي صار صدقه في هذه الامور ملكة له،
و لا يقع خلافه البتّة لا في العين و لا في الأثر.
الخامس: الإنابة. و هي الرجوع
إلى اللّه تعالى و الإقبال عليه. و لا يتمّ ذلك إلّا بثلاثة امور:
باطنيّ، و هو دوام التوجّه إليه تعالى بأفكاره و
عزائمه.
و قوليّ، و هو دوام ذكره و ذكر أنعمه و ذكر
مقرّبي حضرته.
و عمليّ، و هو المواظبة على الأعمال الصالحة، و
الإحسان إلى خلق اللّه تعالى و دفع أسباب الضرر عنهم، و بالجملة التزامه بأحكام
الشرع تقرّبا إلى اللّه تعالى.
السادس: الإخلاص. و هو أنّ
جميع ما يفعله السالك و يقوله يكون تقرّبا إلى اللّه تعالى وحده لا يشوبه شيء من
الأغراض الدنيويّة و الاخرويّة أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ[1].
و متى مزج معه غرض دنيويّ أو اخرويّ- و لو ثوابا
أو نجاة من العذاب- فذلك هو
الرابع عشر: ما خطر لهذا الضعيف، و تقريره:
أنّ العمل مع النيّة و إن اشتركا في حصول الثواب و الفوز برضاء الرب تعالى، لكنّ
العمل بدون نيّة كالجهاد الذي لا حراك به، بل كالصورة المنقوشة على الجدار التى لا
حقيقة لها، و النيّة كالروح السارية في الأعضاء و القوى، و كان كمال العمل بها
فكانت أكثر خيريّة. و لا ينافي ذلك حديث: «أفضل العبادة أحمزها» فإنّ حظوظ النفس
و ميولها كثيرة لا تكاد تحصر، فحصول النيّة المشتملة على كمال الإخلاص خالصة من
تلك الحظوظ، و الميول تفتقر إلى مجاهدات توجب لها الأحمزيّة، فكانت أفضل، فاستحقّت
اسم الخيريّة. و على ذلك يخرج جواب: «إذا همّ بحسنة كتبت له».
الخامس عشر: ما خطر للضعيف أيضا، و تقريره:
أنّ النيّة لمّا كانت حقيقتها كمال الإخلاص، كان حصولها يستلزم حصول المعارف
الحقيقة، و استحضار صفات الجمال و نعوت الجلال التي هي كالأسباب لذلك الإخلاص،-
بخلاف العمل- فكانت أفضل. و خلوصها أيضا عن الشبهات و المعارضات، يفتقر أيضا إلى
مجاهدات فكريّة توجب لها وصف الأحمزيّة، فكانت أفضل.
السادس عشر: أنّ النيّة لمّا كانت لازمة
لتعظيم مقام الربوبيّة، و شكر أنعامه، و كانت من لوازم الإيمان الذي هو واجب
الدوام و البقاء ببقاء النفس الإنسانيّة، و يستحيل تطرّق النّسخ و التغيّر إليه،
فحكمها حكمه، بخلاف العمل الذي يجوز تغيّره و نسخه، فكانت أفضل. و هذا أيضا من
خواطر الضعيف. نضد القواعد الفقهيّة: 187.