و التداخل
يصار إليه للدليل و قد بيناه، و نمنع كون الاحصار موجبا للهدي على الاطلاق، بل
انما هو يوجبه اذا لم يكن قد ساق المحصر هديا، و هو الجواب عن الآية.
و اعلم أن
التحقيق هنا أن نقول: الهدي المسوق اما أن يكون واجبا بالنذر و شبهه أو لا، فان
كان واجبا افتقر الى هدي التحلل، لان الهدي حق وجب بالاحرام و لا دليل على سقوطه،
فيجب الوفاء به. و ان كان مندوبا جاز له التحلل به اذا نوى عند الذبح ذلك. و لو
ذبحه مندوبا، افتقر الى آخر للتحلل. هذا في المحصر.
و أما
المصدود، فان أوجبنا عليه هديا للتحلل- و هو المشهور بين الاصحاب كان حكمه حكم
المحصر، و ان لم يوجب عليه هديا له، كما هو مذهب المتأخر عملا باصالة براءة الذمة،
تمسكا بقوله تعالى «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ»[2] دل بمفهومه
على عدم وجوب الهدي على غير المحصر.
و التخصيص
بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما عدا المذكور، كما بين في أماكنه، لم يجب عليه شيء
سوى المسوق، ان كان واجبا بأحد الاسباب الموجبة له.
اذا عرفت
هذا، فهنا بحثان:
الاول: ظاهر
كلام المتأخر يقتضي أن هدي القران يخرج عن ملك سائقه بمجرد التقليد أو الاشعار. و
المشهور خلاف ذلك، و أنه لا يخرج عن ملكه الا بسوقه الى المنحر، أو يعينه بالنذر و
شبهه.
لنا- اصالة
بقاء الملك على مالكه، ترك العمل به في هذه الصور للاجماع فيبقى معمولا به فيما
عداه.