أقول: ظاهر كلام الشيخ في النهاية[1] و المبسوط[2] يقتضي التحريم، و هو الظاهر من كلام ابن ادريس، لكن الشيخ رحمه
اللّه احتج بقوله تعالى «سَوٰاءً
الْعٰاكِفُ فِيهِ وَ الْبٰادِ»[3].
و أما ابن
ادريس، فانه احتج بالاجماع، ثم قال: فاما الاستشهاد بالآية، فضعيف، اذ الضمير راجع
الى ما تقدم و ليس الا المسجد الحرام، و لا دلالة على الدور التي بمكة بشيء من
الدلالات، بل اجماع أصحابنا منعقد و أخبارهم متواترة، فان لم تكن متواترة، فهي
متلقاة بالقبول لم يدفعها أحد منهم، فالاجماع هو الدليل القاطع على ذلك دون غيره.
و الحق
الجواز على كراهية. أما الجواز، فللاخبار الدالة على أن الناس مسلطون على أموالهم.
و أما الكراهية، فلرواية صفوان عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكر أبو عبد اللّه
عليه السّلام هذه الآية «سَوٰاءً الْعٰاكِفُ فِيهِ
وَ الْبٰادِ» فقال: كانت مكة ليس على شيء منها باب، و كان أول من علق على بابه
المصراعين معاوية بن أبي سفيان، و ليس ينبغي لاحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور و
منازلها[4].
و لفظة «لا
ينبغي» يراد بها الكراهية ظاهرا، فيحمل عليها.
و اعلم أن
هذا الخلاف مبني على تفسير المسجد الحرام، قيل: المراد به المسجد نفسه، فعلى هذا
لا يحرم المنع. و قيل: المراد به الحرم كله.
فعلى هذا ان
قلنا ان المراد بقوله تعالى «سواء» أي: العاكف أعني المقيم و البادي أي الآتي للحج
و العمرة سواء بالنزول فيه، كما فسره به بعضهم، و الا فلا.