أخبر اللّه تعالى أنه من الشعائر، أي: من جملة العبادات التي تعبدنا
بها. و قيل:
معناه من
معالم اللّه و أمر بالاكل منها.
و لو كان
جبرانا لما ساغ الاكل، و اذا كان اجماعنا منعقدا على أن الهدي نسك ليس بجبران، فلا
معنى للتردد حينئذ.
و ان أراد
بالدم دم شاة، فلا معنى للتردد فيه أيضا، اذ لا وجه لوجوبه، أما لو تعمد الاحرام
من غير مكة، وجب عليه الرجوع الى مكة مع المكنة و إنشاء الاحرام منها، كما قدمناه.
فلو تعذر الرجوع، فلا حج له بناء على قاعدتنا.
و قال في
المبسوط في باب المواقيت: من أخر الاحرام عن الميقات عامدا وجب الرجوع إليه، فان
لم يمكن فلا حج له، و قد قيل: انه يجبره بدم و قد تم حجه[1].
فان قلنا
بهذا القول هنا قلنا به أيضا في من تعمد الاحرام من غير مكة، لكنه قول شاذ مناف
للاصل، فاذن العمل على الاول.
و بالجملة
فلا وجه للتردد في اسقاط الدم على جميع التقادير.
و انما
طولنا الكلام في هذه المسألة لكونها من المهمات، و لوقوع الاشتباه فيها أيضا.
[حج الافراد و القران]
قال رحمه
اللّه: و الافراد و القران فرض أهل مكة و من بينها و بينه دون اثنا عشر
ميلا، فان عدل هؤلاء الى التمتع اضطرارا جاز، و هل يجوز اختيارا؟ قيل:
نعم، و
قيل: لا، و هو الاكثر، و لو قيل بالجواز لم يلزمهم هدى.
أقول: لا
خلاف بين علمائنا في تحريم العدول عن التمتع اختيارا، و انما الخلاف في العدول
إليه، فذهب في النهاية[2] الى أنه لا يجوز، و اختاره المتأخر