و قال أبو حنيفة، و محمد: الرقبى لا تلزم، و للمرقب الرجوع فيها[1].
و قال
الشافعي في الجديد: إذا قال أعمرتك هذه الدار، و لم يقل: و لعقبك من بعدك، يكون
لعقبه من بعده، ثم لبيت المال كالقسم الذي ذكرناه، و هو قول أبي حنيفة[2].
و قال مالك:
يكون للمعمر مدة حياته، فإذا مات عادت إلى المعطي[3].
و حكى أبو
إسحاق المروزي [1] عن الشافعي في القول القديم مثل قول مالك[4]، و حكي
أيضا عنه في القديم أن العمرى تبطل و لا يستحقها المعمر و لا عقبة[5] الدليل على
صحة ما ذهبنا إليه و وافقنا عليه مالك: الإجماع المتردد ذكره.
و أيضا فإن
العمري إنما هي تمليك المنافع مدة عمر المعطى، و إذا جعلها لعقبه فعلى هذا الوجه،
و تمليك المنافع لا يتعدى إلى الرقبة، و لا بد أن يعود عند انقضاء المدة المضروبة
إلى المالك، فكيف يجوز ما قاله الشافعي، و وافقه عليه أبو حنيفة.
فإن تعلقوا
بما رواه جابر من ان النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: «فإن أحدا عمر عمري له
و لعقبه فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها، لأنه أعطى عطاء وقعت فيه
[1]
أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المروزي، من أئمة فقهاء الشافعية في عصره، و
قد انتهت إليه رئاسة المذهب، أقام في بغداد زمنا طويلا للإفتاء و التدريس، ثم
ارتحل إلى مصر في أواخر عمره فتوفي بها في سنة 340 ه، و دفن بالقرب من تربة
الشافعي. أنظر: وفيات الأعيان 1: 26، طبقات الفقهاء للشيرازي: 92، تاريخ بغداد 6:
11.[1]
حلية العلماء 6: 64.
[2] حلية
العلماء 6: 63، المجموع شرح المهذب 15: 391، نيل الأوطار 6: 119، مغني المحتاج 2:
398.
[3] بداية
المجتهد 2: 329، حلية العلماء 6: 63، الموطأ 2: 756- 44، نيل الأوطار 6: 120.