و أما ما أخر ففريضة البنات و الأخوات لهن النصف و الثلثان، فإذا
أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما يبقى، فإذا أجمع ما قدم الله و ما أخر
بدئ بمن قدم الله فأعطي حقه كاملا، فإن بقي شيء كان لمن أخر، و إن لم يبق شيء
فلا شيء له.
فأما ما
يتعلق به المخالفون، من تشبيه مسائل العول بمن مات و عليه لجماعة مبالغ من المال
مختلفة، و ما يخلفه من المال يضيق عن جميع حقوقهم، فإنه لا خلاف في أن كل واحد من
الغرماء يضرب بسهمه في التركة على قدر مبلغ حقه، فإنه لا يدخل النقصان على بعضهم
دون بعض.
فالجواب
عنه: أن الغرماء بخلاف أهل السهام في الميراث، لأن الغرماء لهم مال معين على
الميت، فإن اتسعت التركة للكل يستوفى، و إن ضاقت عنه فالمال الموجود بينهم على قدر
سهامهم، بخلافه، و هذه سنة جاهلية، لأنهم كانوا يورثون الرجال دون النساء، و قال
الله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ
فِي كِتٰابِ اللّٰهِ[2] فبين أن الميراث
يستحق بقربى الرحم، و لم يخص النساء دون الرجال.
فإن عولوا
في مذهبهم هذا الذي نحن في الكلام عليه على الخبر المروي عن ابن عباس، عن النبي
صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: «يقسم المال على أهل الفرائض، فما تركت فلأولى
ذكر قرب»[3].
[1]
السنن الكبرى للبيهقي 6: 253، أحكام القرآن للجصاص 3: 22، الكافي 7: 79- 3، تهذيب
الأحكام 9: 248- 953، من لا يحضره الفقيه 4: 187- 656.