نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 394
عندهم بالأعلون و ذلك لعلوهم و غاية شرفهم حيث لا يقع من جهاتهم
الفعالة إلا عقول أخرى لا الأجسام، إذ لا بد لصدور الأجسام من ظهور جهة إمكان و
نقص في القاهر العقلي، و إلى ما يصدر عنها الأجسام، و هي العقول الواقعة في سلسلة
العرض، و هي أواخر السلاسل الطولية، و هي أدون منزلة من القواهر الطولية و يسمى
بأرباب الأصنام، و لقلة شرفها و ظهور إمكاناتها يصدر عنها الأجسام و هيئاتها
المنوعة.
فكذلك النفوس على ضربين، منها ما يتعلق بالأبدان المستحيلة الكائنة و
ينفعل عن هيئاتها و عوارضها المادية لكونها بالقوة لا يمكن أن يستكفي بذاتها، و
منها، ما لا يتعلق بالأبدان المستحيلة المادية بل الأبدان ينشأ منها و يوجد
بتبعيتها من دون استعداد مادة و انفعال و تغير من حال إلى حال بل بمجرد جهة فاعلية
في النفس مع حيثية إمكانها و قصورها عن درجة الكمال التام العقلي، إذ لو بلغت إلى
حد العقلي، لم يتبعها تجسم و تكدر، فهذا القسم من النفوس تجردت عن الحس دون
الخيال، و لو تجردت عن الخيال أيضا لكانت عقولا صرفة.
فالنفس عند تفردها عن البدن العنصري (سواء بالنوم أو بالموت)، يصحبها
القوة الخيالية و يلزمها البدن الناشي عن النفس القاهرة.
و هذا القسم من النفوس أقوى قوة من النفوس المنفعلة عن الأبدان و إن
كانت العصاة و الفسقة و الكفرة، منها معذبة بأنواع من العذاب الجسماني لأجل
اكتسابها الملكات الردية و الاعتقادات الفاسدة و الآراء الردية في الله أو في
صفاته أو في أفعاله و أحكامه مولمة لنفوس معتقديها و معذبة لقلوبهم فإنها بالحقيقة
نيرانات ملتهبة و حرقات مشتعلة ظهرت لهم من قلوبهم يوم القيامة كما قال الله
تعالى:"نارُ اللَّهِ
الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ، إِنَّها عَلَيْهِمْ
مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ"
و
بإزاء هذه الاعتقادات الحقة في النفوس و الآراء الفاضلة و الأخلاق و الملكات
الحسنة كلها جنات و أنهار و طيور و أشجار و عيون جارية و سرر مرفوعة"وَ حُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ
الْمَكْنُونِ، جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ"
فإن
الملكات و الأخلاق المكتسبة من الأعمال و الأفعال، يتبعها في الآخرة تلك الصور و
الأشجار و الأجسام، إما حسنة ملذة منعمة من الجنة و الرضوان، و إما قبيحة مولمة
معذبة من الجحيم و الغضبان.
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 394