إن قال قائل: أ تقولون إنّ
اللّه تعالى قضى أعمال العباد و قدّرها؟ أم تقولون إنّها خارجة عن قضائه و قدره؟
إن قلتم بالأوّل ففيه إبطال قولكم في المخلوق، و إن قلتم بالثاني، ففيه مخالفة
الامّة.
قلنا: القضاء قد يكون
بمعنى الخلق و الإتمام كقوله: «فَقَضاهُنَّ سَبْعَ
سَماواتٍ»[1]، أي خلقهنّ و تمّمهنّ. و قد يكون بمعنى
الإلزام و الإيجاب كقوله تعالى: «وَ قَضى رَبُّكَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ»[2]، و قد يكون بمعنى الإعلام و الإخبار كقوله تعالى: «وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ
لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ»[3]، أي أعلمناهم و أخبرناهم. و القدر قد يكون بمعنى الخلق كقوله تعالى: «وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ»[4] أي خلق فيها أقواتها. و قد يكون بمعنى
الكتابة كقوله تعالى: «إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها
مِنَ الْغابِرِينَ»[5]،
أي كتبنا ذلك، قال الشاعر: