هذا. و من جادل نوحا، و
هودا، و صالحا، و إبراهيم، و لوطا، و شعيبا، و موسى، و عيسى، و محمدا؛ صلوات اللّه
عليهم أجمعين، كلّهم نسجوا على منوال اللعين الأول في إظهار شبهاته، و حاصلها يرجع
إلى دفع التكليف عن أنفسهم، و جحد أصحاب الشرائع و التكاليف بأسرهم، إذ لا فرق بين
قولهم: أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا[1] و بين قوله: أَ أَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ
طِيناً[2] و عن هذا صار مفصل الخلاف، و محزّ
الافتراق ما هو في قوله تعالى: وَ ما مَنَعَ
النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ
اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا[3]، فبيّن أن المانع من الإيمان هو هذا المعنى، كما قال المتقدّم في
الأول: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ
مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ[4]، و قال المتأخر من ذرّيته كما قال المتقدّم:
أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَ لا يَكادُ يُبِينُ[5]، و كذلك لو تعقّبنا أقوال المتقدمين
منهم وجدناها مطابقة لأقوال المتأخّرين: كَذلِكَ قالَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ[6]،
فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ[7].
فاللعين الأول لما حكم
العقل على من لا يحكم عليه العقل، لزمه أن يجري حكم الخالق في الخلق، أو حكم الخلق
في الخالق، و الأول غلوّ، و الثاني تقصير.
فثار من الشبهة الأولى
مذاهب: الحلولية[8]، ................ .........