و استطاعتهم؟ و ما الحكمة
في ذلك بعد أن لو خلقهم على الفطرة دون من يحتالهم عنها[1] فيعيشوا طاهرين سامعين مطيعين، كان أحرى بهم، و أليق بالحكمة.
و السابع: سلمت هذا كلّه:
خلقني و كلّفني مطلقا و مقيدا، و إذ لم أطع لعنني و طردني، و إذا أردت دخول الجنة
مكّنني و طرّقني، و إذا عملت عملي أخرجني ثم سلّطني على بني آدم، فلم إذا استمهلته
أمهلني، فقلت: فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[2]- قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ
الْمَعْلُومِ[3].
و ما الحكمة في ذلك بعد أن
لو أهلكني في الحال استراح آدم و الخلق مني و ما بقي شرّ ما في العالم؟ أ ليس بقاء
العالم على نظام الخير خيرا من امتزاجه بالشرّ؟!
قال: فهذه حجتي على ما
ادّعيته في كل مسألة.
قال شارح الإنجيل: فأوحى
اللّه تعالى إلى الملائكة عليهم السلام، قولوا له:
إنك في تسليمك الأول أني
إلهك و إله الخلق غير صادق و لا مخلص، إذ لو صدّقت أنّي إله العالمين ما احتكمت
عليّ بلم، فأنا اللّه الذي لا إله إلّا أنا، لا أسأل عمّا أفعل، و الخلق مسئولون،
و هذا الذي ذكرته مذكور في التوراة، و مسطور في الإنجيل على الوجه الذي ذكرته.
و كنت برهة من الزمان
أتفكّر و أقول: من المعلوم الذي لا مرية[4] فيه أنّ كلّ شبهة وقعت لبني آدم؛ فإنما وقعت من إضلال الشيطان
الرجيم و وساوسه و نشأت من شبهاته، و إذا كانت الشبهات محصورة في سبع عادت كبار
البدع و الضلالات إلى سبع. و لا يجوز أن تعدو شبهات فرق الزيغ و الكفر و الضلال
هذه الشبهات و إن اختلفت العبارات؛ و تباينت الطرق، فإنها بالنسبة إلى أنواع
الضلالات كالبذور، و ترجع جملتها إلى إنكار الأمر بعد الاعتراف بالحق، و إلى
الجنوح إلى الهوى في مقابلة النص.