responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 96

ثم المتولد عندهم فعل لفاعل السبب، و هو مقدور له بتوسط السبب. و من المتولدات ما يقدم بمحل القدرة كالعلم النظري المتولد عن النظر القائم بمحل القدرة، في خبط و تفصيل طويل و اختلاف فيما يولد و فيما لا يولد؛ و ليس غرضنا التعرض لتفاصيل مذهبهم.

و الدليل على صحة ما صار إليه أهل الحق أن الذي وصفوه بكونه متولدا لا يخلو؛ إما أن يكون مقدورا، أو غير مقدور. فإن كان مقدورا، كان ذلك باطلا من وجهين: أحدهما أن السبب على أصولهم موجب للمسبب عند تقدير ارتفاع الموانع، فإذا كان المسبب واجبا عند وجود السبب أو بعده فينبغي أن يستقل بوجوبه، و يستغني عن تأثير القدرة فيه. و لو تخيلنا اعتقاد مذهب المتولد، و خطر لنا وجود السبب و ارتفاع الموانع، و اعتقدنا مع ذلك انتفاء القدرة أصلا، فيوجد المسبب بوجود السبب جريا على ما قدمناه من الاعتقادات. و الوجه الثاني أن المسبب لو كان مقدورا لتصور وقوعه دون توسط السبب؛ و الدليل عليه أنه لما وقع مقدورا للباري تعالى إذا لم يتسبب العبد إليه، فإنه يقع مقدورا له تعالى من غير افتقار إلى توسط سبب.

فإن قالوا: الباري سبحانه و تعالى قادر بنفسه، و العبد قادر بالقدرة، و القادر بالنفس يخالف القادر بالقدرة، و لذلك يتصف بالاقتدار على أجناس لا يقدر عليها العباد بالقدرة؛ قلنا: هذا لا تحصيل له، فإن القدرة عندكم لا تؤثر في إيقاع المقدور شاهدا، و إنما الموقع للفعل كون القادر قادرا. ثم هذا الحكم شاهدا يعلل بالقدرة، و هو غائب غير معلل لوجوبه و امتناع تعليل الواجب عندكم. و لذلك زعمتم أن أثر كون القادر قادرا شاهدا و غائبا الاختراع، و قضيتم باختصاص العبد بمقدورات لا تتناهى، و لا يغنيكم بعد ذلك مناقضتكم أصلكم في الحكم بخروج بعض الأجناس عن مقدورات العباد. و أنتم مطالبون في ذلك بما أنكرتموه؛ فلم ينفعكم الاسترواح إلى القواعد الفاسدة و الطلبة عليكم متوجهة في التسوية بين الشاهد و الغائب في حكم المقدورات.

فإذا بطل بما ذكرناه كون المتولد مقدورا للعبد، و هو القسم الذي اعتنينا بإبطاله، و هذا يبطل مذهب كافة المعتزلة، فلا يبقى بعد ذلك إلا الحكم بكون المتولد غير مقدور؛ فإن قضى بذلك قاض كان مصرحا بأنه ليس فعلا لفاعل السبب. فإن شرط الفعل كونه مقدورا للفاعل. و إذا جاز ثبوت فعل لا فاعل له، جاز أيضا المصير إلى أن ما نعلمه من جواهر العالم و أعراضه ليست فعلا للّه، و لكنها واقعة عن سبب مقدور موجب لما عداه، و ذلك خروج عن الدين و انسلال من مذهب المسلمين.

ثم المصير إلى التولد، يجر على معتقده فضائح تأباها العقول، و يدرك فسادها بالبداية. و ذلك أن من رمى سهما، ثم اخترمته المنية قبل اتصال السهم بالرمية، ثم اتصل بها و صادف حيا، و لم يزل الجرح ساريا إلى الإفضاء إلى زهوق الروح في سنين و أعوام، و كل ذلك بعد موت الرامي، فهذه السرايات و الآلام أفعال للرامي و كل ذلك بعد موت الرامي و قد رمت عظامه، و لا مزيد في الفساد على نسبة قتل إلى الميت.

نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست