نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 97
و كل ما دللنا به على تفرد
الباري سبحانه بخلق كل حادث، فهو جار في هذا الفصل ردا على من يزعم المتولدات
مخترعة لفاعل الأسباب.
فإن قالوا: وجدنا المسببات
واقعة على حسب القصود و الدواعي و مبالغ الأسباب، كما أن المقدورات المباشرة
بالقدرة القائمة بمحالها تقع على حسب الدواعي و القصود؛ فهذا الذي ذكروه مما
نقضناه في خلق الأعمال، و أوضحنا بطلان التعويل عليه.
ثم إن ما ذكروه يبطل بما
يساعدوننا على كونه غير متولد، كالشبع و الري و السقم و البرء و الموت عند معظم
المعتزلة، و الحرارة عند احتكاك جسم بجسم مع تحامل و اعتماد، و سقط الزناد عند
الاقتداح، و فهم المخاطب و خجله و وجله عند الأفهام و التخجيل و التخويف؛ فكل ذلك،
و ما جرى مجراه، غير متولد عند الخصوم. و إن كان ما طردوه عند الوقوع على حسب
القصود، مطردا فيها. فإن قالوا: ما استشهدتم به يختلف الأمر فيه، و لا يطرد على
وتيرة واحدة، قلنا: فكذلك سبيل الرمي و الجرح و رفع الثقيل و شيله و كل ما يتنازع
فيه.
فصل
ذهبت الفلاسفة إلى أن
الكون و الفساد، المعبر بهما عن تركيب العناصر الأربعة و انحلالها بعد التركيب، من
آثار الطبائع و القوى؛ و ما يجري في العالم المنحط عن فلك القمر و مداره، من
الاستحالات الضرورية، فكلها آثار طبيعية؛ و ما يجري به في العالم العلوي العري عن
النار و الهواء و الماء و الأرض، فهو من آثار نفوس الأفلاك و عقولها، ثم تلك
الآثار مستندة عندهم إلى الروحاني الأول، و هو يستند إلى الموجود الأول، و هو
الباري على زعمهم، و هو سبب الأسباب و موجبها.
و ليس من مقتضى أصلهم أن
الموجود الأول يخترع شيئا على اختيار في إيقاعه، بل هو موجب للروحاني الأول، ثم
الروحاني الأول موجب للفلك و نفسه و عقله؛ و كذلك القول في الفلك الأعلى مع الذي
يليه إلى الانتهاء إلى فلك القمر، و الآثار العلوية متناسبة لا اختلاف فيها و لا
يعتورها قبول اختلاف الأشكال، و الشمس لا يتصور تقديرها على هيئة أخرى غير الهيئة
التي هي عليها؛ و إنما يتعرض لقبول الأشكال المختلفة، هيولى عالم الكون و الفساد و
يعبرون في هذه المواضع بالهيولى عن الجواهر، و يعبرون عن أعراضها بالصورة.
ثم حقيقة أصلهم أن العالم
العلوي، و عالم الكون و الفساد، لا مفتتح لهما، و هما مع الموجود الأول كالمعلول
مع العلة. و الأولى أن نقيم الدلالة القاطعة على حدث العالم، و كل متعرض لاعتوار
الأكوان عليه، و في إثبات ذلك نقض أصلهم.
ثم كل ما ذكروه تحكم لا
محصول له. و لا يزال لهم في هذه المواقف، التي يسمونها الإلهيات، اصطبار على
اعتبار النظار و امتحانهم إياهم بمسالك الحجاج. و هم يعترفون بذلك،
نام کتاب : الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أول الاعتقاد نویسنده : الجویني، عبد الملك جلد : 1 صفحه : 97