الأول:أن الإمكان يستلزم تساوي الوجود و العدم بالنسبة إلى ذات الممكن، و
هذا معنى اقتضاء ماهية الممكن لتساوي الطرفين، و وقوع أحدهما بلا مرجح يستلزم
رجحانه، و هما متنافيان.
و الجواب: أن التساوي بالنظر إلى الذات، إنما ينافي الرجحان بحسب
الذات و هو[1]غير لازم.
فإن قيل: الترجح إذا لم يكن بالغير كان بالذات ضرورة أنه لا ثالث.
قلنا: نفس المتنازع لجواز أن يقع بحسب الاتفاق من[2]غير سبب.
الثاني؛أن الممكن ما لم يترجح لم
يوجد، و ترجحه أمر حدث بعد أن لم يكن فيكون وجوديا، و لا بد له من محل، و ليس هو
الأثر لتأخره عن الترجيح، فيكون هو المؤثر لعدم الثالث فلا بد منه.
و الجواب: أن الترجح مع الوجود لا قبله[3]، إذ لا يتصور رجحان الوجود
مع كون الواقع هو العدم و لو سلم فقيام ترجح وجود الممكن أو عدمه بالمؤثر، ضروري
البطلان. و المذكور في كلام الإمام. فكان الترجح الوجوب، و هما متلازمان، بناء على
أن أحد[4]الطرفين يمتنع وقوعه مع التساوي. فكيف مع المرجوحية. فالراجح لا يكون
إلا واجبا، و هذا الوجوب متقدم على الوجود، على ما سيجيء من أن وجود الممكن محفوف
بوجوبين سابق و لاحق. و هو نسبة بين المؤثر و الأثر، يسمى من حيث الإضافة إلى
المؤثر إيجابا، و إلى الأثر وجوبا، فمنع سبقه على الوجود، و كونه وصفا للمؤثر ليس
بسديد، سيما و قد قال الإمام في المباحث المشرقية[5]: إنه على تقدير كونه ثبوتيا. فمعنى عروضه للمؤثر أنه يصير محكوما عليه
بوجوب أن يصدر عنه ذلك الأثر،