يتأتى[1]منه النظر و الاستدلال، ثم اختلاف البعض في نفس الحكم أو في بداهته،
و التفاوت بينه، و بين قولنا الواحد نصف الاثنين لا ينافي البداهة على ما سبق، و
أما ما ذهب إليه الكثيرون. من أن اللّه تعالى خلق العالم في وقت دون سائر الأوقات
من غير مرجح، و خصص أفعال المكلفين بأحكام مخصوصة من غير أن يكون فيها ما يقتضي
ذلك، و أن قدرة القادر قد تتعلق بالفعل أو الترك من غير مرجح، فليس من ترجح الممكن
بلا مرجح، بل من ترجح المختار أحد المتساويين من غير مرجح، و نحن لا نقول بامتناعه
فضلا عن أن يكون ضروريا، و إلى هذا يستند عندنا اختلاف حركات الكواكب، و مواضعها،
و أوضاعها.
و أما الفلاسفة القائلون بالإيجاب دون الاختيار، فلا يلتزمون وقوع
تلك الاختلافات و الاختصاصات بلا سبب، بل يعترفون باستنادها إلى أسباب فاعلية، لا
اطلاع على تفاصيلها. ففي الجملة لم يقل أحد ممن يعتد به بوقوع الممكن بلا سبب.
الاستدلال على احتياج الممكن إلى المؤثر
(قال:و الاستدلال[2]بأن
وقوع أحدهما[3]بلا سبب يقتضي رجحانه[4]فينافي
التساوي، و بأنه لا بد من مرجح قبل الوجود[5]، و هو وجودي يقوم[6]بالمؤثر ضرورة تأخر الأثر ضعيف).
القائلون بأن الحكم بامتناع الترجح بلا مرجح كسبي، استدلوا عليه
بوجهين: