لحصولها في الخارج، لأنه لا تمايز بينهما في الخارج، و إلا امتنع
حمل أحدهما على الآخر بالمواطأة، و من البين أن ليس في السواد أمر محقق هو اللون،
و آخر هو قابضية البصر يجتمعان، فتحصل منهما السواد. بل التحقيق أن ليس في الخارج
إلا الأشخاص، و إنما الجنس و الفصل و النوع صور متمايزة عند العقل، يحصلها من الشخص
بحسب استعدادات تعرض للعقل، و اعتبارات يتعقلها من جزئيات أقل أو أكثر مختلفة في
التباين و الاشتراك، فيدرك من زيد تارة صورة شخصية بحيث[1]لا يشاركه فيها غيره، و أخرى صورة يشاركه فيها عمرو و بكر، و أخرى
صورة يشاركه فيها الفرس و غيره، و على هذا القياس.
فإن قيل: هذا إنما هو في النوع البسيط كالسواد، لظهور أن ليس في
الخارج لونية، و شيء آخر به امتاز السواد عن سائر الألوان، و لهذا لا يصح أن
يقال: جعل لونا فجعل سوادا. بل جعلاهما واحدا، و أما في غيره، فالذاتيات المتمايزة
في العقل، متمايزة في الخارج، و ليس جعلاهما واحدا كالحيوان.
فإنه يشارك النبات في كونه جسما، و يمتاز عنه بالنفس الحيوانية، و
جعل الجسم غير جعل النفس، حتى إذا زالت عنه النفس بقي ذلك الجسم بعينه موجودا،
كالفرس الذي يموت، و جسميته باقية، و لهذا يصح أن يقال: جعل جسما فجعل حيوانا.
قلنا: الجسم المأخوذ على وجه كونه مادة، غير المأخوذ على وجه كونه
جنسا بالذاتي[2].
[و لا كلام في تميز الأول عن الكل بالوجود الخارجي، و إنما الكلام
في الثاني، لأنه الجزء المحمول المسمى بالذاتي][3]. و قد سبق تحقيق ذلك.
و الحاصل أن الذاتيات المتمايزة بحسب العقل فقط، قد يكون لها مبادي